ثقافة وفن

المغاربة مصدومون: سبائك ذهب خليجية في السوق السوداء الجزائرية !!

user ahdath الأربعاء 13 يناير 2021
AtlasAbInfo-jpg
AtlasAbInfo-jpg

AHDATH.INFO

بقلم: المختار لغزيوي

« ريكلام..ريكلام…مابقاشاي…مول المليح باع وراح »، نسمع العبارة ونحن نعبر أسواقنا الشعبية أيام كانت الأسواق مفتوحة قبل الداء اللعين، ونتوقف قسرا استجابة لنداء البيع والشراء، ورغبة في العثور على « همزة » أو « هوتة » ما، يكون ثمنها قليلا ويكون نفعها كثيرا..

أحمد أويحيى رئيس وزراء الجارة الجزائر الأسبق لايختلف عنا كثيرا في حكاية البحث عن « الهمزات » و »الهوتات » هاته، غير أنه لا يقف في الأسواق الشعبية حاملا « الميكروفون » أو « البوق » لكي يبيع سلعته، بل يلجأ لطريقة أخرى لاقتحام مجال التجارة الموازية هذا.

مؤخرا فقط، أي يوم السبت الماضي، وبمناسبة محاكمته من طرف هيئة مجلس قضاء الجزائرالعاصمة، اعترف من كان بوتفليقة يضعه في منصب الوزير الأول، بتلقيه لهدايا من طرف أمراء خليجيين دخلوا الجزائر في رحلة صيد منظمة من قبل الرئاسة الجزائرية في الصحراء.

أويحي كشف للمحكمة، أنه تلقى صفائح ذهبية مقدرة بحوالي 60 صفيحة باعها في السوق السوداء بالجزائر، حسبما ذكرته وسائل الإعلام الجزائرية.

وقال أويحي: "يأتي العشرات من أمراء البلدان الخليجية لجنوب الجزائر، ويقومون بمنح هدايا للمسؤولين". مضيفا: "طلبت من بنك الجزائر بيع سبائك الذهب، وعددها 60 سبيكة، لأجل بيعها في السوق الموازية".

أويحيى كشف لعدالة بلاده ، أنه باع سبائك الذهب في السوق الموازية (السوداء) بمبلغ 350 مليون دينار جزائري ( 1 دولار أمريكي يعادل 132.2070 دينار جزائري).

ووجه قاضي التحقيق سؤالا للوزير السابق أويحي، حول مصدر الأموال والأرصدة البنكية وعن وجود عمليات سحب معتبرة من طرف زوجته وابنه وغيرها من الأموال غير المصرح عنها والتي قاربت 70 مليار سنتيم. وقال أويحيى: "ليست من نشاطي كوزير الاستثمار، لكن في فترة الصيد الذي نظمته الرئاسة وحضرها أمراء الخليج، تلقيت هدايا مثلي مثل باقي المسؤولين في تلك الفترة وهي عبارة عن سبائك ذهبية وبعتها في السوق الموازية لأن البنك الجزائري لم يقبل".

الوزير الأول السابق أويحي، الذي حكم عليه بالسجن سبع سنوات نافذة في تهم فساد، مثلما يحاكم في قضية التمويل الخفي لحملة الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، وتركيب السيارات واستغلال المنصب الوظيفي لأغراض شخصية، اعترف أيضا أن الغنيمة الخليجية التي حصل عليها عادت عليه مبلغ خمسة وثلاثين مليار تم إيداعها في حسابه الشخصي ببنك التنمية المحلي بين ماي 2017 وغشت 2018.

نحن; في حكاية السبائك الذهبية هاته التي بيعت في السوق السوداء، لا يهمنا أويحيى كثيرا. أو لكي نكون أكثر صراحة هو لا يهمنا إطلاقا، فنحن نعرف أن شعب الجزائر لم يثق يوما في مسؤوليه، وأن هذا الشعب العظيم لم يطلق عليهم وصف « العصابة » عبثا، بل لأنه كان يعرف أنهم يتصرفون مثل تشكيل إجرامي فعلا، في غالبيتهم، لئلا نظلم واحدا أو إثنين من الأبرياء الذين تورطوا في الحكم هناك.

الذي يهمنا هنا في المغرب، هو الانتباه إلى صدمة الرأي العام المغربي الذي علم بأن أمراء أصدقاء وأشقاء، من دول خليجية، صديقة وشقيقة، قد أهدوا الرئاسة في الجزائر هاته الهدايا الثمينة التي وصلت حد السبائك الذهبية دفعة واحدة.

الذي صدم الرأي العام المغربي، هو أن هاته الهدايا تزامنت مع لحظة خاصة من نوعها من حكم بوتفليقة، ومن طبيعة العلاقات بين هاته البلدان الخليجية وبين المغرب، وأن بعض الأمراء من طويلي العمر سامحهم الله كانوا يعطون المغرب كلاما إنشائيا كثيرا عن « الصداقة والأخوة وما إليه »، وكانوا بالمقابل يعطون الرئاسة الجزائرية وكبار المسؤولين في الجارة الهدايا الثمينة، بل والسبائك الذهبية التي سنعلم فيما بعد أنها بيعت في السوق السوداء لكي تزيد في ملء « خزينة سد » أويحيى البنكي وعائلته.

تلك ال“60 سبيكة ذهبية التي قدمت كهدية للرئاسة من طرف أمراء 4 دول من الخليج وقام أويحيى ببيعها في السوق السوداء بمبلغ 350 مليون دينار لأن البنوك الجزائرية رفضت شراءها”، والتي حول بفضلها مبلغ 600 مليون سنتيم لزوجته، هي في الحقيقة سبائك تسائل هاته العلاقة الخاصة من نوعها التي تجمع بعض أمراء الخليج بالبلدين معا أي بالمغرب أولا، وهو مايهمنا دوما وأبدا وقبل وبعد كل الأشياء، ثم بالجزائر إذا بقي لنا وقت إضافي نستقطعه للاهتمام بقضايا هذا الجار الخاص من نوعه.

الرأي العام المغربي، الذي يعاتبنا باستمرار، نحن صحافة هذا البلد على اهتمامنا « أكثر من اللازم » بالعلاقات المغربية الخليجية، بل والذي يتهم صحافييه فور كتابة أي مقال إيجابي عن هاته العلاقات بما لاحاجة لذكره من الاتهامات، اكتشف أن ماكان يعتقد أنه ذاهب إلى بعض « قليلي العفة » هنا، يذهب إلى مسؤولين كبار في الجزائر، وأن بعض طويلي العمر يصطادون في المغرب نظير الكلام الطيب المعسول، ويصطادون في الجزائر نظير الاستثمارات المالية والاقتصادية الكبرى التي يمكن فهم تفسيرهم لها باعتباره « رغبة في التحكم في قطاعات استراتيجية » لكن لايمكن إطلاقا فهم هذا الكيل بالمكاييل المتعددة، خصوصا حين يصل الأمر حد التصدق بسبائك ذهبية على الرجل الثاني في هرم الدولة الجزائرية.

الحكاية ليست حكاية رشوة نرغب نحن هنا أيضا في الحصول على بعض منها. معاذ الله. والحكاية ليست حكاية غيرة من هدايا ثمينة، ومن سبائك ذهبية تلقى على سبيل « الغرامة » أو « الصدقة » على مسؤولي بلد مسكين مثل الجزائر مصيبته في من يسيرونه هي أعظم مصيبة.

لا، إطلاقا… الحكاية هي حكاية يعبر عنها الأ«شقاء المصريون بعبارتهم الجميلة والشهيرة « أسمع كلامك أصدقك…أشوف عمايلك أستعجب ». والرأي العام المغربي، له الحق كل الحق في أن يتعجب لهات الأوجه المتعددة التي تبيعه الكلام المعسول علنا، والتي تلقي بسبائكها الذهبية في السوق السوداء الجزائرية سرا، ولا تجد أي مشكل في التوفيق بين الأضداد كلها.

حقيقة، هذه تبدو عسيرة الهضم، طال عمرك، وتبدو كما لو أنها تدل على أشياء لا يرغب المغاربة في مزيد من التركيز في تفاصيلها، لئلا يكفروا بشعارات يؤمنون بها حق الإيمان، ويعتقدون أن الأطراف المقابلة هي الأخرى لا تختلف عنهم في إيمانهم هذا…

سبائك ذهبية خليجية في السوق السوداء الجزائرية… « مابقاشاي، مابقاشاي…مول المليح باع » وراح فعلا أيها السادة، أو هو على أهبة الرحيل حقا…