ميديا

قبور مبعثرة فقدت بركة بوعراقية..حرمة الأموات تحاسب أوراش تأهيل طنجة الكبرى

محمد كويمن الأربعاء 21 أبريل 2021
IMG_7190
IMG_7190

Ahdath.info

لا هي مساحة خضراء ولا هي روضة خضراء، هي قبور بعثرت، وصارت مهجورة، تخفي جزءا من تاريخ مدينة البحرين، وتظهر واقعا من حاضر طنجة الكبرى، حين تخلى الأحياء عن صون حرمة الموتى، بعدما أضحى العبث عنوان تدبير مدينة فشلت في تأهيل قبورها القديمة والحديثة.

لم يكن يتوقع الموتى، الذين استضافتهم مقبرة بوعراقية، أحد أقدم وأشهر مقابر طنجة المجاورة لمدينتها القديمة، أن تصير قبورهم قبلة للمتسكعين، بعدما لم يعد يزورهم لا قريب وغريب، وبعد أن توقعوا حين قررت السلطات تحويل تلك المنطقة إلى فضاء أخضر مفتوح للعموم، نفض الغبار عن تاريخهم المنسي، وإعادة ملامح مقابرهم من جديد وفق تصميم الحديقة الجديدة، أو على الأقل التفكير في إجراء يمكن من طمر آثار القبور المتخلى عنها، لجعل الأحياء أولى باستغلال المساحة التي تغطيها وهي عبارة عن كومة من الأزبال تختلط بالأنقاض، لكن ما وقع أن هذه المقبرة صارت تشكل نقطة سوداء تشوه أوراش التأهيل الحضري المحيطة بها.

أصبحت جل القبور، التي كان يرقد فيها سكان المدينة، من الذين تبركوا بالدفن بمنطقة الولي الصالح بوعراقية، مجهولة النسب، وتعرضت معالمها للتلف والإهمال، وبعضها اتخذها مشردون مآوى لهم، وأخرى تحولت إلى مراحيض، وصار من العار إطلاق عليها اسم قبور المسلمين، إذا ما قارناها بالمقبرة الإنجليزية المتواجد على بعد أمتار قليلة منها وهي محاطة بصور وتضم رفات أجانب عاشوا بالمدينة منذ عهد طنجة الدولية ولا زالت قبورهم صامدة وأنيقة.

هناك قبر واحد لسيدة من حسن حظه أن موقعه على حافة الطريق، لازال يحتفظ بلوحته التي تعود لسنة 1950، فيما أغلب القبور دمرت عن آخرها، وتمت سرقة زليجها، وفقدت ملامحها، وصار تواجدها لا يعكس الماضي ولا يشرف الحاضر، بعدما لم تتدخل الجهات المعنية لإعادة الاعتبار لحرمة هذه القبور، ولإعادة الاعتبار أيضا لموقعها الذي صار فضاء لتعاطي المخدرات بكل أنواعها.

لكن ومع ذلك فإن سكان المدينة يحترمون كثيرا هذه القبور، لأنها كانت سببا في الحفاظ على تلك المنطقة كمتنفس طبيعي بعيدا عن جرافات التعمير، كما حالت مؤخرا دون إنجاز مشروع موقف تحت أرضي للسيارات بجوار مقر المندوبية، ولعلها تحسب في ميزان حسنات الراقدون تحت تراب ذلك الموقع، حين كان لهم دور بعد مرور أزيد من 70 سنة على رحيلهم في وقف زحف الاسمنت ومنع ظهور عمارات سكنية مشوهة للمجال العمراني للمدينة العتيقة.

والإهمال الذي طال مقبرة بوعراقية، يتواصل بعدما شمل باقي مقابر المدينة، حين لم تتمكن طنجة لحد الآن من توفير مقبرة نموذجية تليق بموتى المسلمين، أمام استمرار الدفن العشوائي بلا حسيب ولا رقيب، وإعلان تجاوز المقبرة الرئيسية (المجاهدين) لطاقتها الاستيعابية، وتعثر مشاريع إنجاز مقابر جديدة، وكأن حرمة الأموات لا تحاسب الأحياء.