ثقافة وفن

محمد سبيلا مشى على هدي سلفه الأندلسي ابن رشد

محمد كريم كفال الاثنين 26 يوليو 2021
fe43e90213
fe43e90213

AHDATH.INFO - عن الشرق الأوسط / هاشم صالح

كنت قد التقيت محمد سبيلا، الباحث المغربي الذي رحل الأسبوع الماضي، على هامش عدة مؤتمرات فكرية حصلت في الدار البيضاء وفاس ومكناس والمحمدية والرباط، إلخ. وما أكثر المؤتمرات والندوات في المغرب، هذا البلد المثقف الجميل الذي يعد الوريث الشرعي للحضارة الأندلسية العظيمة.

وفي كل هذه اللقاءات كنت أشعر بأخوّته وصداقته الكبيرة، يضاف إلى ذلك أن الهموم الفكرية كانت مشتركة بيننا. فهو مشغول جداً بموضوع التراث والحداثة وأنا أيضاً. ومعلوم أنه كان أستاذاً كبيراً للفلسفة في جامعة محمد الخامس الشهيرة في الرباط وقبلها كان رئيساً لقسم الفلسفة في جامعة فاس العريقة.

أعتقد أنه لم يهتم مثقف مغربي ولا حتى عربي بموضوع التنوير والحداثة أكثر مما اهتم محمد سبيلا. لقد كان قدوة لنا جميعاً في هذا المجال. يكفي أن نعدّد عناوين كتبه مجرد تعداد لكي نتأكد من ذلك: مدارات الحداثة، المغرب في مواجهة الحداثة، الحداثة وما بعد الحداثة، دفاعاً عن العقل والحداثة، مخاضات الحداثة، الشرط الحداثي، إلخ.

أعتقد أن الدكتور محمد سبيلا عرف كيف يطرح مسألة العلاقة بين التراث والحداثة بشكل أنجع وأفضل مما فعل الجابري أو سواه من المثقفين العرب. فالجابري كان تراثياً أكثر منه. هذا لا يعني أن محمد سبيلا كان معادياً للتراث، أبداً أبداً... لقد كان مشبعاً بالتراث العربي الإسلامي وفخوراً به. ولكنه كان يعرف كيف يفرّق بين الجوانب المضيئة من التراث والجوانب المظلمة، الجوانب التقدمية والجوانب الرجعية...

ولذلك فعندما يطرح عليك أحدهم هذا السؤال: هل أنت مع التراث أم ضده؟ لكي يحرجك رد عليه فوراً بسؤال آخر: أيُّ تراث تقصد؟ فله سفحان يا صديقي لا سفح واحد. لقد كان محمد سبيلا واضحاً كل الوضوح فيما يخص هذه النقطة. يقول لنا بهذا الصدد ما معناه: «للأسف لم يتم إحياء الجانب المستنير من التراث العقلاني والتنويري والاجتهادي الموجود في الثقافة العربية. على العكس لقد طمسوه وأشاعوا فقط الجانب المظلم المتشدد الداعي إلى العنف».

هكذا نلاحظ أنه كان مدركاً تماماً لنوعية المشكلة التي نعاني منها في مجتمعاتنا العربية والإسلامية. فالترويج للجوانب المظلمة من التراث على شاشات الفضائيات وفي برامج التعليم يمثّل مشكلة حقيقية. والأخطر من ذلك هو طمس الجوانب المضيئة. وبالتالي فنحن مع محمد سبيلا من الجنود المدافعين عن التراث ولكن ليس أي تراث أو ليس كل التراث. لن ندافع أبداً عن الجوانب الظلامية التكفيرية التي تحتقر كرامة الآخر أياً يكن.

لقراءة المقال كاملا

من هنا