ثقافة وفن

ضيوف أصيلة يرفعون لبس الخلط بين العروبة في بعدها السياسي والمعرفي

سكينة بنزين الثلاثاء 09 نوفمبر 2021
٢٠٢١١١٠٩_٢٠٠٤٥٣
٢٠٢١١١٠٩_٢٠٠٤٥٣

AHDATH.INFO -أصيلة

ما بين التشاؤم والتفاؤل، توزعت مواقف المتحدثين خلال الجلسة الثانية لندوة "العرب والتحولات الإقليمية والدولية الجديدة: العروبة ألى أين"، التي احتضنها مركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية، صباح اليوم الثلاثاء 9 نوفمبر، حيث تم تناول موضوع الهوية والانتماء القومي للفكر العربي المعاصر،  من زوايا مختلفة تعكس مداخل وصلت حد التناقض ما بين الاكاديمي والثقافي والسياسي والاعلامي.

وشكلت الجلسة فرصة إضافية لضيوف  موسم أصيلة الثقافي الدولي الثاني والأربعون، للتأكيد على إشكالية الخلط بين الهوية العربية الايديولوجية و الهوية الثقافية، وفي هذا الإطار أشار راشد صالح، الأمين لعام السابق لجائزة الشيخ زايد للكتاب، أن الايديولوجية السياسية استثمرت المشترك اللغوي والثقافي وفروع المعرفة كمدخل لإنشاء مشاريع قومية أو انشاء الجامعة العربية، ما جعل جوهر الهوية يتوارى وفقا للقصور المسجل في الجامعة العاجزة عن تقديم أي حل أو  انهاء أي نزاع داخلي.

وعمد راشد صالح إلى استحضار الجهد الذي قدمه المسيحيون العرب لتغليب كفة الهوية العربية كمحاولة لفرملة القومية التركية الاقصائية  المعتمدة على الدين، كما استعرض المتحدث أهم محطات المشروع العروبي، حيث شكلت المرحلة الاولى وعيا بوجود  مشترك لساني بين الشعوبد وفي المحطة الثانية ظهرت نزعة الوحدة السياسية الطامحة لتوحيد الاقطار، ثم جاءت المرحلة الثالثة وهي فترة خفوت وتوتر ونزاع بين الدول العربية، وأخير مرحلة تبخر الطموح الوحدوي لتكتفي الدول بعلاقات ثنائية، ما يحيل على انتهاء مفهوم العروبة السياسية، مقابل استمرار عروبة المعرفة التي تشكل مستقبل الفكرة.

واعتبر  راشد أن الحديث عن نجاح أو فشل العروبة يبقى نسبيا، ذلك أنها قادرةعلى إعادة تشكيل نفسها في شقها الثقافي والتاريخي رغم تواري شقها الايديولوجي الذي يكتفي به البعض حين الحكم على الفكرة بأنها أصبحت متجاوزة.

من جانبه اعتبر حاتم الصريدي أستاذ علوم الاعلام والاتصال بجامعة البحرين، أنه لا يمكن نقاش الهوية خارج سياق التاريخ، مؤكدا أن الإعلام كان له دور سابق في تقوية الوعي بالهوية، كما أصبح له اليوم دور في إضعاف الشعور بالانتماء بعد تعرضه للتشويش الخارجي، ما أدى إلى ظهور أنماط جديدة ساهمت في اضمحلال الهوية التي تعيش اليوم أزمة عميقة تدخل فيها عوامل متعددة بينها دور الاعلام الغربي الذي استحوذ على المشهد، ما جعل العرب يخلفون الموعد مع ثورة التكنولوجيا التي ساهمت في تعميم الثقافة الواحدة ، وأشار الصريدي أن العرب فشلوا اليوم في ضمان مكان ضمنوالشبكات العالمية المسوقة للثقافة، في الوقتةالذي تمكنت الغرب من الانفلات من سطوةةالغرب عبر تقديم بدائل تقنية وبناء خوادم ضخمة لتخزين البيانات، ما يجعل الهوية العربية على هامش السباق العالمي.

وأكد استاذ الاعلام أن العالم اليوم يعرف حربا ثقافية وحضارية تزعزع الهوية و تستند على الفوضى كآلية عمل ما يستدعي اكتساب مساحة داخل الشبكة الرقمية التي باتت قوة ناعمة قادرة على كسب معارك ثقافية.

عضو الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري محمد المعزوز ، نبه إلى الخلط الحاصل بين الهوية السياسية والهوية الثقافية مذكرا أن الأطراف المستفيدة من مبدأ تعطيل الهوية الثقافية باعتبارها جسرا نحو تعزيز الإحساس بالانتماء  الذي  تؤطره العروبة، لا مشكل لهم مع الهوية السياسية لأنها لا تختزل روح الانتماء الذي يعمق فرضية الابتعاد عن التشرذم الحاصل، كما استحضر كتابات الغرب التي عملت على شيطنة الهوية من خلال الاشتغال على المكون الثقافي العربي لإنتاج هويات مشتتة، وهو ما تترجمه الدعوة لدولة  فرعونية بمصر و فينيقية في سوريا.

المعزوز استحضر المداخل المفترضة نحو سؤال الهوية، حيث تحضر الديمقراطية إلى جانب نماذج مناقدة لكنها نجحت في فرض مشروع قومي بالعنف، كما هو الحال في فرنسا وألمانيا وايطاليا.

الإعلامي المصري حسام السكري، الذي شغل منصب رئيس أسبق لقنوات ياهو الشرق الاوسط، اختار معالجة مختلفة تطرقت للسؤال عن جدوى مناقشة فكرة العروبة واستشراف مستقبلها في ظل مستجدات جارفة تجعل الموضوع على هامش اهتمامات الجيل الجديد، كما اختار الرجل التقليل من حدة التخوف التي أبداها المتحدثون عن تهديد الهوية، مشيرا أنه لا يخشى الالتقاء مع هوية الآخر المختلف الذي يشترك معه في الإنساني، مذكرا الحاضرين بأن الحديث عن القادم لا يكون إلا بتحديد وجوه العروبة العديدة، والتي يغدوا معها النقاش أقرب لمتمنيات ورغبات غارقة في الانشائية وبعيدة عن ما ينتظره المواطن البسيط ، ليخلص أن بعض النقاشات تزرع الخوف من الآخر الذي يعتقد أنه يحاول محو ثقافتنا فقط لأنه متفوق وقادر على صنع وتسويق ما ينتجه.