AHDATH.INFO
سجال وإبداع ونقاش يؤثت فضاءات مدينة تتوارى خلف هدوء تتخلله حركة غير عادية منذ أربعة عقود .. هكذا تبدو أصيلة الوفية لموسمها الذي انطلق ذات شغف ثقافي في سبعينات القرن الماضي، ليواصل مراكمة نجاحات غيرت من ملامح المدينة عمرانيا وثقافيا، قبل أن تتحول إلى وجهة سياحية وإبداعية ومحطة سنوية لمناقشة مواضيع ينصهر فيها التشكيلي بالأدبي والسياسي والثقافي والاجتماعي ...
أول أمس الجمعة 15 أبريل، وبعيدا عن أي مفاجأة، جددت مؤسسة منتدى أصيلة ثقتها في محمد بن عيسى على رأس المؤسسة بالاجماع نحو ولاية جديدة تمتد لثلاث سنوات، الرجل "الدينامو" الحريص على تتبع كل كبيرة وصغيرة لإنجاح ذلك الموعد الثقافي السنوي، قدم رفقة فريقه حصيلة منجزات المؤسسة ما بين 2018و2021، وهي السنوات التي تغطي فعاليات الدورات الثلاث (40-41-42)، والتي كان لآخرها نكهة خاصة لتزامنها مع جائحة كورونا التي أجلت تنظيم الدورة 42 لموسم أصيلة الثقافي في موعده العادي صيف 2020، إلا أن المؤسسة نجحت في تنظيمه على دورتين حفاظا على السلامة الصحية للمشاركين والضيوف.
البعد الإفريقي كان حاضرا بقوة خلال الدورة 40 لموسم أصيلة الثقافي، حيث ترأس ماكي صال، رئيس جمهورية السينغال حفل افتتاح الموسم، وأعطى انطلاق أشغال ندوة فكرية مهمة حملت عنوان "الاندماج الافريقي:أين العطب؟"، وفي 2021، كانت أصيلة على موعد مع دورتين من موسمها الثقافي الذي جعل فضاءاتها معرضا مفتوحا للريشة والألوان وسحر الكلام في المحطة الصيفية التي امتدت من 25 يونيو إلى 18 يوليوز 2021، أما الدورة الخريفية التي نظمت ما بين 29 أكتوبر و 18 نوفمبر، فقد كانت موعدا لفتح نقاشات عميقة بحضور عربي وافريقي ودولي وازن،حيث تم تسليط الضوء على مواضيع آنية من زوايا متعددة لم تضق بها منصات الموسم، والتي ناقشت "ندوة المغرب العربي والساحل:شراكةحتمية؟"، و ندوة "العرب والتحولات الإقليمية والدولية الجديدة:العروبة إلى أين؟"، وندوة حول فكر الشيخ زايد ، إلى جانب أنشطة مصاحبة غطت المجال الفني والأدبي المنفتح على مختلف الفئات العمرية.
وحرصا منها على توثيق النقاشات الغنية والمتشعبة التي رافقت كل ندوة من ندواتها خلال الدورات الثلاث، أصدرت مؤسسة منتدى أصيلة 18 كتابا وتقريرا، إلى جانب إصدارات توثق للمعارض الفنية المتناثرة بين فضاءات وجدران المدينة بتوقيع فنانين مغاربة وعالميين.
وبعيدا عن المحطات الموسمية التي تجعل من المدينة مركز إشعاع ثقافي خلال مواعيد إبداعية ثابتة تستقطب كبار الأسماء على الساحة الثقافية والأدبية والسياسية والتشكيلية محليا ووطنيا وقاريا ودوليا، سلطت حصيلة منجزات المؤسسة ما بين 2018و2021، الضوء على طبيعة الأعمال الاجتماعية التي تلعبها مؤسسة منتدى أصيلة على مدار السنة، من خلال شراكات واتفاقيات ترمي بظلالها على المعيش اليومي لأبناء مدينة أصيلة بعد أن يحزم الضيوف حقائبهم ،وتعود المدينة إلى وتيرة يومياتها البطيئة، حيث تفتح دار الصباح للتضامن أبوابها لمئات المستفيدات من الأنشطة الاجتماعية والتربوية والثقافية، وتنظيم حفل ختان سنوي لفائدة 260 طفل من أصيلة والضواحي، إلى جانب تجهيز فضاء خاص بأطفال التوحد، وتوفير الكتب للتلاميذ والطلبة، وتهيئة فضاء لموسقى كناوة والفنون الثراثية.
وفي إطار الاهتمام بأطفال المدينة الذين يشكلون مشتلا لاكتشاف مواهب فنية جديدة، حرصت المؤسسة على دعم قطاع التربية والتعليم، وتنويع العرض المدرسي وتجويده، وذلك من خلال إنجاز خمس مؤسسات تعليمية داخل الأحياء التي تعرف كثافة سكانية أو على أطراف المدينة، كما بادرت مؤسسة منتدى أصيلة منذ إعلان الحكومة عن برنامج "مدن بدون صفيح" إلى إنجاز مشاريع السكن الاقتصادي والاجتماعي لفائدة قاطني دور الصفيح والسكان ذوي الدخل المحدود، بكل من مرج أبي الطيب، يتضمن 500 شقة، ساهم في تمويله صندوق أبو ظببي للتنمية "300 شقة" ودولة قطر 200 شقة، إلى جانب مشروع بير السوق 1 ،بشراكة مع صندوق أبو ظبي للتنمية، الذي مكن من بناء 100 شقة تم تسليمها للمستفيدين، بانتظار تسليم 196 شقة وأربعة دكاكين في إطار مشروع بير السوق 2، الذي أنجز بشراكة مع صندوق قطر للتنمية ويشتمل على روض أطفال، ومن المتوقع تسليم الشقق منتصف السنة الجارية.
الخدمات الصحية بدورها كانت حاضرة ضمن برامج مؤسسة أصيلة، حيث تم تطبيب حوالي 430 شخص بمصحات خاصة، مع توفير دعم لشراء الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة لفائدة 1546 مريضا، وتقديم مساعدات لصيانة بعض المساكن، او تسديد بعض النفقات، وتوزيع قفة رمضان، وتمويل عدد من الأنشطة والرحلات الثقافية والترفيهية لفائدة أطفال المدينة، توفير النقل المدرسي لفائدة 120 تلميذ ، مع تقديم منح جامعية لفائدة الطلبة في وضع هشاشة ... وأوضح المكتب المسير لمؤسسة منتدى أصيلة، إلى أنه اضطر إلى تقليص تمويل العديد من الخدمات الاجتماعية بسبب تكلفتها الباهظة وعدم توفر المؤسسة على الموارد المالية الكفيلة بتغطية المتطلبات المالية.
وإذا كان الحصول على مجرد مكان متواضع لتنظيم الأنشطة ضرب من الخيال خلال البدايات، وفق ما يرويه من عايش التأسيس لهذا الموعد الثقافي منذ عقود، ها هي أصيلة مرة أخرى على موعد مع فضاء آخر يرى النور، ويتماهى مع خصوصية المدينة الثقافية التي تحولت لما يشبه المتحف المفتوح بسبب جدارياتها ومنحوتاتها، حيث أعلنت مؤسسة منتدى أصيلة عن قرب افتتاح مجمع الشيخ زايد للفنون، الذي يتضمن متحفا وأكاديمية للفنون والديزاين ومدرسة ابتدائية،بتعاون بين جماعة أصيلة ومؤسسة منتدى أصيلة وبتمويل من صندوق أبو ظبي للتنمية، إلى جانب "معهد البحرين للموسيقى الشرقية" بالمدينة القديمة، بتمويل من جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، تثمينا لروابط الأخوة والصداقة بين المغرب والبحرين.