ثقافة وفن

الشرعي يكتب: الحوار الاجتماعي.. قراءة متأنية

بقلم: أحمد الشرعي الجمعة 06 مايو 2022
33EF7E69-ABE0-4E1E-8199-514502C7D5ED
33EF7E69-ABE0-4E1E-8199-514502C7D5ED

AHDATH.INFO

وضع الدستور المغربي قواعد الهندسة الدستورية بوضوح بالغ، حيث يأتي الملك كضامن لوحدة الأمة والموجه لاختياراتها الاستراتيجية الكبرى، وهو دور ريادي يعلو على كل صيغ التحالف السياسي ويعتبر لدى مجموع المواطنين المغاربة البوصلة التي تحدد التوجه الأساسي للبلاد.

بالمقابل تخرج الحكومة من صناديق الاقتراع، على اعتبار أن الحزب الفائز في الاستحقاق الانتخابي هو الذي يترأس الجهاز التنفيذي، وهو ما ينطبق تماما على الحكومة الحالية، حيث يقود الائتلاف الثلاثي الفائز بأكبر عدد من الأصوات الولاية الحالية، وهو المنطق السياسي الذي قاد أيضا إلى تبني البرنامج الحكومي وقانون المالية بأغلبية مريحة في البرلمان.

تواصل المؤسسات عملها إذن وفق هذه الاختيارات دون أدنى مشكل، وبغض النظر عن الظرفيات المتعاقبة، فإن الدور المؤسساتي هو واحد من القوى الأساسية التي تعتمل في المشهد السياسي المغربي : البناء الديمقراطي غير المستمر في أداء وظائفه.

الإيمان بالديمقراطية يفترض قبول الاختلاف، و من الطبيعي أن تشهد الديمقراطيات نقاشات تطرح خلالها الأفكار من مرجعيات متباينة ويعبر عنها بحرية تامة. حيث يمكن لهذا النقاش أن يكون حادا لان الحياة السياسية الحقيقية هي مسألة مبادئ وقناعات أكيد، ولكن أيضا تظل مرتبطة بالحماس في النقاش. فأن يعلق معارضون على أداء العمل الحكومي بعدم الرضا فهو سلوك يعتبر من صميم العملية الديمقراطية.

غير أن هذه الانتقادات يجب أن تكون مصحوبة بالدلائل والحجج، وأن تبنى حول وقائع قبل المرور إلى اقتراح البدائل. هذه المنهجية الديمقراطية هي السبيل الوحيد لتنوير الرأي العام وجموع المواطنين حول الرهانات والمواقف المتضاربة والاختلافات التي تطفو على الساحة السياسية، كما أنها بهذا الدور المهم تعزز ارتباطهم بالمؤسسات التمثيلية، وبالتالي ثقتهم بالحياة السياسية بصفة عامة.

الدور الأول للمعارضة البرلمانية يكمن في تقديم اقتراحات عملية وواقعية وواضحة، عوض التشكيك باستمرار وأحيانا بطريقة شعبوية (فولكلورية) في نوايا الوزراء وأعضاء الحكومة التي لا يدوم عمرها الافتراضي سوى أشهر، لكي لا تقصي نفسها بطريقة آلية من النقاش الديمقراطي.

الحكومة الحالية تواجه أزمة ذات طبيعة خارجية. دورة التضخم الاقتصادي عالمية، وأسعار المحروقات ترتفع بشكل غير مسبوق ويتجاوز كل التوقعات. وتأتي الحرب الروسية الأوكرانية وظرفية الجفاف لتفاقم الأوضاع. وبالنسبة لاقتصاد دولة مازالت تصارع للخروج من أزمة الكوفيد الصحية، تكتسي الأمور صعوبة بالغة.

على ضوء ما سبق، تصبح قراءة مخرجات الحوار الاجتماعي مدعاة لتقييم أعمق. صحيح أن نتائج هذا الحوار غير مرضية للجميع، لكنها أيضا ليست سيئة بالكامل، وهو ما يستدعي أن ينتقل النقاش حول أجوبة الحكومة على مطالب النقابات والشغيلة في السياق الحالي إلى العقلانية الواضحة.