السياسة

بين فكي كماشة اليمين المتطرف واليسار ..مأزق ماكرون

متابعة الخميس 23 يونيو 2022
0701192653308-web-tete-1000x600
0701192653308-web-tete-1000x600

AHDATH.INFO

اختار الفرنسيون معاقبة إيمانويل ماكرون بحرمانه من الغالبية البرلمانية، في مشهد سياسي يَبتر سلطة الرئيس بشكل غير مسبوق، ما سيجبره على تقديم تنازلات مريرة للمعارضة ولربما الدخول في دوامة من عدم الاستقرار السياسي.

ومنذ الإعلان عن نتائج الانتخابات التشريعية والمشهد السياسي الفرنسي يعرف غليانا غير مسبوق، فقد سارع التكتل الذي يقوده الرئيس إيمانويل ماكرون (يمين وسط) للبحث عن سبل التعاون مع معارضيه السياسيين في محاولة بالغة التعقيد لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من برنامجه السياسي، الذي انتخب على أساسه لولاية ثانية.

وتشكل خسارة الرئيس لأغلبيته البرلمانية انتكاسة قاسية تعكس انقساما عميقا بين الناخبين الفرنسيين.

ويذكر أن الرؤساء الفرنسيين اعتادوا أن يمنحهم الناخبون أغلبية برلمانية تتماهى مع خطهم السياسي وهذا ما لم يحدث هذه المرة.

وجاء تحالف "معا" لماكرون في المقدمة (245 نائبا من أصل 577) أي دون أغلبية مطلقة، متبوعا بتحالف اليسار بقيادة جان لوك ميلونشون ثم حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف الذي حقق اختراقا انتخابيا غير مسبوق.

وعمليا سيُترجم فقدان ماكرون للأغلبية البرلمانية باستحالة مواصلة الأسلوب الذي مارس به السلطة في ولايته الأولى، حيث كان يميل لاتخاذ قرارات فردية يصفها منتقدوه بـ"الفوقية" وأحيانا بـ"المتغطرسة".

ماكرون بات "رئيس دولة بهامش مناورة محدود للغاية، ومن الآن فصاعدًا لن يتمكن من ممارسة السلطة إلا بأغلبية نسبية. وفي الوقت نفسه، فقد زادت وبشكل غير مسبوق قوة الأجنحة المتطرفة بنمو اليسار الراديكالي واليمين المتطرف".

ويواجه الرئيس ماكرون حالة استثنائية حرمته من استكمال فرحته بالفوز بولاية رئاسية ثانية، ما يعني أنه سيواجه تحديات في صنع القرار السياسي، لم يعشها في الولاية الأولى.

وسيتعين عليه نظريا إما تشكيل تحالف مع حزب الجمهوريين (61 مقعدا، يمين وسط)، وهذا يؤهله لتجاوز عتبة 289 مقعدا التي تضمن غالبية من الأصوات.

أو البحث عن تفاهمات مؤلمة مع اليمين المتطرف (89 مقعدا) أو اليسار المتشدد (131 مقعدا) أو التفاوض على كل مشروع قانون على حدة.

ويذكر أنه جرى التقليد حتى الآن على عدم تشكيل أي تحالف مع اليمين المتطرف على المستوى الوطني. كما أنه عكس ألمانيا، ليست هناك تقاليد تقوم على تحالفات كبرى بين اليمين واليسار.

ويتوقع بعض المعلقين الفرنسيين أن يختار ماكرون ممارسة الحكم دون غالبية برلمانية، ثم البحث عن تحالفات ظرفية بشأن ملفات بذاتها كإصلاح نظام التقاعد على سبيل المثال لا الحصر. وهناك مادة في الدستور تسمح بتمرير نصوص قانونية في حالات محددة دون المرور عبر التصويت في البرلمان، إلا أن استعمالها محصور في النصوص المتعلقة بالميزانية والأمن الاجتماعي.

غير أن استعمال هذه المادة محفوف بالمخاطر إذا بالغ الرئيس في توظيفها، ما قد يدفع المعارضة إلى التقدم بمذكرة لحجب الثقة عن الحكومة.

صحيفة "الغارديان" البريطانية كتبت معلقة عن مأزق ماكرون وكتبت: "على الرئيس إيمانويل ماكرون البحث عن حلفاء جدد وتقديم تنازلات. ومن المرجح أن يعتمد مصير مقترحاته لرفع سن التقاعد وإدخال إصلاحات اجتماعية على فوزه على نواب من حزب يمين الوسط (الجمهوريين). لقد تحولت الجمعية الوطنية بين عشية وضحاها من مجرد محطة ثانوية توافق على قرارات الإليزيه إلى مؤسسة مهمة. هذا في حد ذاته، وإلى حد كبير، شيء جيد للديمقراطية الفرنسية. لكن خطر الشلل الناجم عن الخلافات حقيقي".