رياضة

ألاعيب بئيسة..بقلم: بلال مرميد

*ركن بلال مرميد، ميدي1 السبت 02 يوليو 2022
9E8B64C3-1CCE-470B-81A8-220F819DD212
9E8B64C3-1CCE-470B-81A8-220F819DD212

AHDATH.INFO

في هاته الفترة العمرية من مشواري، أجد أحيانا متعة في قصف من أريد، ومتى أريد، وبالطريقة الذي أريد. أتفادى هذا الأمر مرارا، لكن حين تزعجني كثير من تفاصيل، لا يتأخر قلمي في يوم دفع الحساب.

من أين أبدأ، وهل يجب أصلا أن أبدأ؟

شاهدت أو بالأحرى حاولت أن أشاهد لقاء المنتخبين المغربي والإسباني، برسم ألعاب البحر الأبيض المتوسط التي تقام عند الجيران. لسنوات طويلة، كنت أوجه اللوم لمخرجينا التلفزيون على طريقة نقل المباريات. اليوم أود تقديم الاعتذار لهم، لأني تيقنت بأن الجيران لازالوا يفتحون عيونهم على شاشة تشبه تلك التي كنا نشاهدها في تسعينات القرن الماضي. كثير من أميين يشتغلون في قنواتهم، يركزون في هذه الألعاب على تفادي ما هو مغربي، وعلى تحميل الرياضة أكثر مما تتحمله. صورة بئيسة، وتعليق بئيس، وألعاب بئيسة، وجمهور تعرضت فئات واسعة منه لغسيل الدماغ. ألعاب يعزفون فيها النشيد الوطني الإيطالي علما أن الفريق المتوج إسباني، وشهادات ورقية للفائزين دون تدوين أسمائهم، وأرضية ما هي بالأرضية، في ملاعب ما هي بالملاعب، بنقل تلفزي ما هو بالنقل التلفزي. للأسف، أبكي أحيانا حال الجزائر التي أنجبت في عقود غابرة شخصيات محترمة، وفجأة تغيرت معطيات كثيرة، وصاروا يعيشون حالة تيه. هَمُّ حكامهم الوحيد، أن يقحموا الناس في مقارنات تسيء لهم، قبل أن تسيء لغيرهم. في سينماهم يقلدون بمركز إشعاع تخلفهم ما نقوم به، وفي صحفهم يتلقون التعليمات لكي تخصص الصفحات الأولى للمغرب، وفي وسائل إعلامهم السمعية البصرية (إذا جاز لنا أن نمنحها تسمية وسائل إعلام) هناك الجهل المتفشي. ينتشر دون توقف، وبدون أدنى خجل.

من أين أبدأ، وهل يجب أصلا أن أبدأ؟

يجب أن لا تكون نقطة الانطلاق تلك المقارنة المجحفة مع ما يقترفه الجيران في حق هذا الميدان، لأن هؤلاء الناس عقدوا العزم على أن ينقلوا تخلفهم للعالم على المباشر. أغلب قنواتهم تعتقد بأن السب والشتم طيلة سبعة أيام في الأسبوع، يعد إنجازا كبيرا. هؤلاء، يعيشون في عالم آخر لن يلتقي يوما مع عالم المهنية، وأغلبهم لديه قناعة راسخة بأن تشويه الخبر، هو أنجع وسيلة لغسل دماغ المواطن الجزائري البسيط الذي كان على الدوام يكن كثيرا من حب للمغرب. من الضروري أن نشتغل على التجارب الناجحة ونستفيد منها، أما مطالعة ما تكتبه "شروقهم"، ومشاهدة ما تبثه "بلادهم"، وما تنفثه أقلام "خبرهم"، فهو أمر سيحفزنا فقط على تضييع مزيد من وقت. هم تائهون من زمان، وهم يبحثون في كل حقبة على عدو وهمي يختلقه العسكر، وهم يجتهدون لإقناع الرأي العام الداخلي بأشياء لا يمكن أن تقنع أحمقاً. لكي نصلح إعلامنا، من الضروري أن نتجاهل عناوينهم الغريبة، وافتراءهم المضحك، ومحاولات استيلائهم على ثقافة الآخر، وإلباسها عنوة زيا جزائريا مضحكاً. عند العقلاء، يجربون تقديم نشرات أخبار بتركيبة ثلاثية الأجيال، وفعلا انطلق الألمان والإنجليز في تجريب الوصفة، ونحن نتابع ما يخطه مهرج كروي جزائري بخصوص قضايا كبيرة تتجاوز عقله الصغير، ونرد عليه. يستحسن أن نتابع ما يقوله الحمقى، دون أن نتفاعل معهم لكي لا نصير بدورنا من الحمقى، لأن الحمق أشد التحاما بالطبائع. هناك طرق جديدة، ولنا ما يكفي من كفاءات لتجريبها باحترافية، بعيدا عن الدخول في منافسة أهل الهواية. وكالة رسمية جزائرية، تخصص يوميا وقتها لاختلاق الأكاذيب عن المغرب، وقنوات رسمية باهتة شكلا ومضمونا، وإعلاميون لا يتقنون حتى دارجتهم المحلية. شخصيا، استوعبت منذ مدة بأن هؤلاء الجيران يستحقون شيئا وحيدا: أن نعطف عليهم، وعلى حالهم.. من يتخذون القرارات عند الجيران مساكين.. قلت مساكين؟ نعم، مساكين، لأني لا أرغب في أن أسميهم بؤساء، وإن كانوا حقا بؤساء.

أترك الماضي الذي يعيشون فيه، وأعود للحاضر. هؤلاء الناس أكدوا ويؤكدون للعالم، بأن حاضرنا هو المستقبل الذي يتمنونه لأنفسهم.

من أين أبدأ، وهل يجب أصلا أن أبدأ؟

طردوا إعلاميين رياضيين، لكن ما يقصفون به عيون الخلق لا يحتاج أصلا لصحفي في عين المكان. شكرا للوهرانيين الشرفاء، أما ألاعيب البؤساء فلا يحق لي أن أمنحها أكثر من هذا الحيز. حين تلتقي عادة مع غبي، يسرع قلمي الخطى ليذكر هذا الغبي بأنه غبي، والسلام.