ثقافة وفن

رحلة إلى "الثقب الأبيض" بشراع "دار الوطن"

أحداث أنفو الخميس 29 سبتمبر 2022
CE3E4A74-4A74-4DA6-8CBF-5B385DB493BE
CE3E4A74-4A74-4DA6-8CBF-5B385DB493BE

Ahdath.info

بعد "الثقب الأسود" الشهير في عالم الفضاء والعوالم البعيدة عن الأرض، جاء الدور على ""الثقب الأبيض" ليكشف عنه كاتب وباحث مغربي من خلال دراسة عميقة ومتمكنة وبحث طويل ومضني انتهى بالوصول إلى نظرية يقول عنها صاحبها، إنها ستتوغل بالقارئ في عمق الإنسان كنقطة بحث أولية.

بهذه الكلمات السحرية في عالم البحث الطويل والمتعب، يحاول الكاتب والباحث إدريس عسيلة، أن يقدم للقارئ المتوقع لكتابه القيم هذه النظرية التي جعل محورها دور الإنسان في ولادة الأرض، وتسارع الكون، من خلال رحلة في "الثقب الأبيض"..

الكتاب الذي بين أيدينا، صادر عن "دار الوطن" للصحافة والطباعة والنشر، هذه الدار التي تفاجئ القارئ باستمرار بما جد من عناوين، وأكثرها إثارة ومتعة أيضا وإفادة.

وفي طبعة انيقة من القطع المتوسط تقع في 182 صفحة، يبحر بنا الباحث عسيلة في بحر متلاطمة امواجه، بحر لا يهدأ، تعصف به رياح السؤال وتسير بأشرعة ركاب سفينة "دار الوطن" إلى بر الأجوبة التي توصل إليها بعد جهد جهيد لسنوات كما يبين في مقدمة كتابه.

الغريب أن يصل فضول المطالعة "كهواية" بالباحث إلى طرح تساؤلات كبرى، عندما كان يصادف مصطلحات ضخمة وذات دلالة كبيرة، ويذكر منها "العقل، والنفس، والضمير، والحاسة السادسة والبصيرة." وهنا تصبح الكلمات ثقيلة على حامل همها، وينوء بها تفكيره ليقرر أن يشاركها مع القاري حتى يتقاسم معه ثقلها المضني.

بالنسبة للناشر عبد النبي الشراط، الذي يكون حاضرا بوزنه الفكري في كل الإصدارات المميزة، ما كتبه في كلمته التي تصدرت أولى صفحات الكتاب، زاد جرعة التشويق وتوغل بقليل من الكلمات في عمق المتن تاركا لمن يتصفح هذا المؤلف متعة اكتشاف المزيد.

الشراط قال إن الكتاب والنظرية، كانت "في البدء مجرد خاطرة، فتحولت إلى فكرة، ثم أصبحت سؤالا وجوديا كبيرا، تحوم في مداره الكثير من الأسئلة."

ويشير الناشر في كلمته، إلى أن المؤلف وجد هكذا نفسه مرغما على تقديم الأجوبة التي من شأنها إشباع فضول ما كان في البدء مجرد خاطرة..

باختصار ودون مراوغات لغوية، وجد الكاتب نفسه وقد انتهى ببحثه وبإبحاره بمعية القارئ إلى شواطئ رحبة مكونة من نظرية فلسفية علمية عن الوجود، الذي طالما حيّر العلماء ولا زال، وهنا يؤكد الباحث عسيلة أنه لا يدّعي الكمال في كتابه فهو في البداية والنهاية اجتهاد له أجره في مطلق الأحوال.

ادريس عسيلة اختار لهذا الإبحار الممتع والمخيف في الوقت نفسه، أن يركب سفينة الكلمات البسيطة والأسلوب السهل الممتنع والإقناع بالوقائع والتفاصيل والأحداث والتأملات، وليس مجرد تخمين كمثل ضربة حظ، لذلك فنحن بصدد طقس من طقوس الكتابة بنى بيته من خيوط رفيعة تبدو واهنة لكنها قوية جدا سقفها التجربة المحضة والشخصية وسنوات من الركون إلى التفكير العميق.