السياسة

"الأحداث المغربية" تكتب عن الخطاب الملكي : بوصلتنا المغربية

المختار لغزيوي - الأحداث المغربية الاحد 16 أكتوبر 2022
03F2E3E6-683F-4212-9A4A-85A602081FCD
03F2E3E6-683F-4212-9A4A-85A602081FCD

AHDATH.INFO

عنونا عددنا من "الأحداث المغربية" لنهاية الأسبوع ترقبا للخطاب الملكي في افتتاح البرلمان الجمعة ب "بوصلة البرلمان والحكومة"، وكنا متأكدين أن الخطاب السامي سيكون محددا رئيسيا للأولويات الأكثر أهمية المطروحة على طاولة الوطن تحديا هاما، وكذلك كان.

ركز جلالة الملك في الخطاب على محورين إثنين: الماء والاستثمار.

فأما الماء وإشكاليته، فالإشارات تواترت منذ مدة غير قصيرة أننا بصدد مواجهة مشكل حقيقي، لأن الجفاف الذي مس البلاد منذ فترة جعل وضع الأمن المائي يحتد أكثر فأكثر.

خطابات الحث على ترشيد استعمال الماء كثرت، والكل فهم بأننا أمام تحد جديد يقوم على استعمال من نوع آخر لهذا الكنز الذي جعل الله منه كل شيء حي.

وجلالة الملك الذي ذكر بالخطوات التي قام بها المغرب لمواجهة هذا التحدي الصعب والحياتي، أصر أيضا على أن يربط هذا الأمر بالتحدي الأكبر الذي يواجه كوكبنا كله، ونتحدث عن تحدي التغيرات المناخية الذي يجعل مشكل ندرة المياه في القادم من السنوات والأعوام مشكلا كونيا يواجه العالم بأسره.

ووجب هنا القول أن المغرب الذي انخرط بحماس واضح في كل الخطوات العالمية لمواجهة المتغيرات المناخية، والذي أكد بالخطوات العملية أنه مؤمن بالأضرار التي سببها الإنسان للبيئة، ومقتنع بأن متسع الوقت الذي أمام البشرية لم يعد كافيا لتدارك هاته الأضرار هو واحد من بلدان الجنوب الأكثر التزاما بضرورة إنقاذ هذا الكوكب لأننا لانتوفر على كوكب بديل نحيا عليه، ولأن إحساس وطننا تجاه الأجيال القادمة، والحال الذي سنترك الأرض لها عليه، هو إحساس صادق غير منافق يذهب مباشرة إلى العملي من الخطوات، ويترك للآخرين التنظير والكلام.

يبقى الآن الأهم مثلما قال جلالة الملك في الخطاب يوم الجمعة، أي "إحداث تغيير حقيقي في سلوكنا تجاه الماء. وعلى الإدارات والمصالح العمومية، أن تكون قدوة في هذا المجال.".

وأما المحور الثاني، فالاستثمار، وهو عصب حرب حقيقي لبلد خرج من سنتين من الضيق المالي سببتهما الجائحة التي هزت العالم بأسره، كورونا، والتي كان أثرها متفاوتا على البلدان حسب عديد الأشياء.

وبلدنا الذي استطاع بشهادة العدو قبل الصديق أن يكون من بين أفضل دول العالم في كيفية التقليل من أثر تلك الجائحة اللعينة، صحيا واقتصاديا واجتماعيا، يواجه اليوم تحدي الخروج من مرحلة مابعد الوباء، وهنا تبرز الحاجة لضرورة التجنيد الكامل والتام للرأسمال المغربي الوطني داخل وخارج أرض الوطن من أجل المساهمة في عملية النهوض من جديد، على قدمين ثابتتين لمواجهة كل التحديات الاقتصادية والمالية التي تنتظر البلاد والعباد من الآن، وليس في المستقبلين القريب والبعيد.

ولعل عبارتين إثنتين وردتا في الخطاب الملكي الجمعة كانتا فعلا المفتاح للمأمول النجاح فيه مغربيا في هذا المجال : الاستثمار المنتج ومناخ الأعمال.

ذلك أننا إذا استطعنا الوصول إلى استثمار منتج يخلق الثروة ويوفر مناصب الشغل، وإذا ماتمكنا من خلق مناخ أعمال صحي تزدهر فيه المنافسة الشريفة من أجل هذا الاستثمار المنتج حقا، وتضافرت جهود كل المتدخلين في المجال الاقتصادي لأجل تحقيق الهدفين معا، سنصل تأكيدًا إلى الهدف الذي رسمه الخطاب الملكي في نهايته أي "تعبئة 550 مليار درهم من الاستثمارات، وخلق 500 ألف منصب شغل، في الفترة بين 2022 و2026."، وسنصل أيضا إلى إقرار جو اشتغال في مجال الاستثمار هذا يوفر ربما المزيد.

رهان صعب وحقيقي، لكنه ليس مستحيلا على أصحاب المال المغاربة داخل وخارج أرض الوطن، والذين يعرفون أنهم مع بقية المواطنين في مركب واحدة، يلزمها -حين الحاجة- بذل مزيد من الجهد، ومن المال لأجل إبقائها سائرة مطمئنة تمخر عباب الوقت، وتطمح للوصول إلى بر الرسو باسم الوطن كله على بر الأمان.

قلناها في البدء، ونعيدها: هو خطاب /بوصلة للحكومة وللبرلمان، أضاف الشعب أيضا في حكاية ترشيد الاستعمال العاقل للماء، ورسم خارطة طريق استثمارية في الزمن المنظور، ووضع تحديات الوقت الراهن أمامنا جميعا بوضوح وسلاسة، وبنبوغ مغربي معهود، ويبقى علينا الآن - جميعا دون أي استثناء - المرور إلى مرحلة التطبيق، والسير في الاتجاه السليم الذي قالت لنا البوصلة المغربية اللاتخطئ إن علينا السير فيه.