آراء وأعمدة

العدل والإحسان والدفاع عن الفساد.. تحالف استراتيجي!!

طه بلحاج الاثنين 14 نوفمبر 2022
JAMAA ALADL WA IHSAN
JAMAA ALADL WA IHSAN

AHDATH.INFO

داخل سيارة رباعية الدفع، ليلا، بمنطقة خلاء بموقع يوجد بين حي تولال وجماعة دار أم السلطان بمكناس، تم ضبط المنسق الجهوي لجماعة العدل والإحسان متلبسا بممارسة الجنس رفقة سيدة.

عشرات الحوادث من هذا النوع يتم التعامل معها وفقا لما ينص عليه القانون دون أن تثير ضجيجا كثيرا، وقد لا تصل أخبارها إلى عامة الناس. لكن أصدقاء المتهم وإخوانه في الجماعة وحتى خارج الجماعة، آثروا أن يروجوا للفضيحة الأخلاقية، من منظور دفاعهم المستميث عن أخيهم ظالما كان، أو مظلوما.

الأصوات التي خرجت لمناصرة المتهم بالفساد، كشفت أن لجماعة العدل والإحسان مدافعين من خارج الدائرة المغلقة للجماعة، تجاوزوا في دفاعهم المحامين الذين انتصبوا لمؤازرة المتهم، بل استعانوا بالخيال العلمي في ذلك.

جريدة إلكترونية يوجد موقعها بعاصمة الضباب (لندن)، سارعت إلى تبني نظرية المؤامرة الشهيرة واتهام "الدولة العميقة" بفبركة الملف ما دام المتهم منتمي لجماعة العدل والإحسان، وكأن أعضاء هذه الجماعة ملائكة نزلوا من السماء، لا يخطئون ولا ينتهكون القانون ولا تتنازعهم الشهوات !!

في البداية تمت متابعة القيادي العدلاوي بجنح الإخلال العلني بالحياء، وممارسة الضغط والإكراه، واستدراج أشخاص لممارسة الدعارة، فقد جرت الوقائع داخل سيارة المتهم، وبالتالي عناصر دورية الشرطة وقفت على حالة تلبس.

تحريات مصالح الأمن في القضية كشفت أن السيدة التي تم ضبطها مع القيادي في جماعة العدل والإحسان بمكناس لم تكن الوحيدة، لاسيما بعد فحص هاتفه الذي كشف عن معلومات ومعطيات أخرى، غيرت مسار المتابعة.

المعطيات التي تم التوصل إليها أضافت تهما أخرى إلى التهم السابقة، حيث انضافت تهم الاتجار بالبشر وذلك باستدراج أشخاص بواسطة الاحتيال والخداع، وإساءة استعمال الوظيفة، واستغلال حالة الضعف  والحاجة والهشاشة بغرض الاستغلال الجنسي وهتك عرض أنثى باستعمال العنف.

كل هذه التهم لم تكن ذات بال بالنسبة للجريدة الالكترونية المذكورة التي استماثت في الدفاع عن المتهم، معتبرة أنها جريمة مدبرة ضد الجماعة من إنتاج "الدولة" ضد خصمها السياسي المنتمي للجماعة.

ورغم كل الأدلة التي تم جمعها سواء من أقوال وتصريحات الضحيتين أو هاتف المتهم الذي جاد بمعطيات ومحادثات ومراسلات جنسية وصور تثبت الوقائع وتؤكد الجنح والجنايات المرتكبة، لاسيما استغلال هشاشة النساء، إلا أن الجريدة الالكترونية ظلت متشبثة بالقشور، ونصبت نفسها صوتا إعلاميا للدفاع عن الجماعة الدينية المحظورة.

المضحك هو عندما نكتشف أن حجة كاتب المقال، التي من شأنها أن تزعزع المحكمة والقضاء والشرطة والأمن وكل المؤسسات بنظره، ليست سوى رفض زوجة المتهم متابعته من أجل الخيانة الزوجية. والظاهر أن هذه الحيلة التي لجأ إليها رفاقه في الجماعة لم تنجح إذ كانوا ينتظرون الإفراج عنه بعدما أصرت زوجته على عدم متابعته، لأن الخيانة الزوجية لم تكن التهمة الوحيدة التي يتابع بها من طرف النيابة العامة. إذ مباشرة بعدما أمر قاضي التحقيق بوضعه في السجن الاحتياطي، بدأ الترويج لنظرية المؤامرة الشهيرة، وهي نظرية يستعملها كل ما تاهت به السبل ولم يجد دليلا مقنعا يدافع به عن قضيته، أو عن أحد أفراد قبيلته وهم أشخاص معدودون على أصابع اليد، لا ينشغلون بالضحية بقدر ما ينشغلون بالمتهم.

كاتب المقال الالكتروني المدافع المستميث، لم يتساءل ماذا كان الشيخ يفعل في الخلاء ليلا؟ ولا عما حفل به هاتفه من معلومات تدينه؟ ولا عن علاقته بالضحية الثانية؟ لن يفعل ذلك لأن الجريمة لا تهمه بل ما يهمه هو الجاني وقبيلته، وأكثر من ذلك هو من تستهدف هذه القبيلة داخل الدولة، لذلك فإن كل تحالف استراتيجي منشغل بنفس الهدف يستحق الاستماثة في الدفاع عنه!

الغريب أيضا أنه في مغرب القرن 21 والتقدم التكنولوجي وتطور البحث الجنائي واستعمال الآثار الرقمية كأدلة مادية في الإثبات أو النفي، مازال هناك من يعتبر ملفا للفساد والخيانة الزوجية "قضية دولة"!