الكتاب

"مرثية زيانية" !

المختار لغزيوي - الأحداث المغربية الثلاثاء 22 نوفمبر 2022
AFE81EF2-81F6-49DD-85CD-557885DD585F
AFE81EF2-81F6-49DD-85CD-557885DD585F

AHDATH.INFO

ليس سارا على الإطلاق فعل الكتابة عن اعتقال رجل مسن. وليس سارا على الإطلاق إطلاق النار على سيارات الإسعاف. وليس سارا باختصار، ومنذ مدة طويلة الحديث عن موضوع الوزير السابق و (الشخص) الحالي محمد زيان، لكنها الضرورة المهنية، ولزوم التوقف عند الملحوظات التي تقع في البلاد وللعباد.

يوم الإثنين الماضي أيد الحكم الاستئنافي ماسبق للابتدائي أن نطق به في حق زيان، أي الحبس النافذثلاث سنوات.

ونحن هنا لن نهتم بملابسات الحكم وتفاصيله القانونية، فهناك أركان أخرى في الجريدة ستهتم به.

نحن هنا سنتحدث مجددا عن (الحالة زيان) وعما جعل هاته الحالة تنتقل من نقيض عرفناه جميعا إلىنقيض آخر استغربنا له جميعا.

في السن الأول للحياة لم يكن محمد زيان مساندا جيدا. وفي السن الثاني من الحياة، لم يكن محمد زيانمعارضا جيدا.

هو دائما ظل في "البين-بين": يوم تولى مسؤولية وزارة حقوق الإنسان ذات زمان مضى وانقضى، ابتسم المغاربة بألم وحزن وقالوا "لا، غير معقول".

ويوم أراد الرجل ارتداء جبة المعارض الجذري العجيب في الزمان الحالي، ابتسم أولئك المغاربة أنفسهم ومعهم أحفادهم وأبناؤهم وقالوا بنفس الحزن والألم "لا، غير معقول".

واصل الرجل الإدهاش الحزين. لم يتوقف، ولم يرغب في الوقوف.

اعتدى على مهنة هي واحدة من أنبل المهن وأرفعها : المحاماة. تحدث عن الدببة ومؤخراتها، وعن "خرايفجحا"، وعن "الشفرة"، وأراد أن يصبح صحافيا، وتطاول على شرفاء الوطن وخدامه الأوفياء، وفقد بوصلة الاحترام بسبب زلزال "الزهايمر السياسي" الذي ضربه، بل أصبح في "تواخير الزمن" نوعا من "اليوتيوبر"،يخاطب الهواتف التقالة، ويخطب عبر "اللايفات". ويريد أن يقول للكل "أنا هنا، لايمكن أن تستغنوا عنيبهاته البساطة الفادحة، أو بهاته الفداحة البسيظة".

أضحى مشهده في الختام محزنا. وحتى تلك الابتسامات التي كان يستطيع استلالها من مستمعيه وهويتحدث، لم تعد قادرة على الخروج ورسم نفسها.

تحول إلى مهرج حزين…يبكي أكثر مما يضحك، ويشعر الناس إزاءه بالشفقة، لأنه في سبيل استعادة شيءمضى وانقضى، أصبح مستعدا لقول وفعل كل شيء و أي شيء.

(النقيب) محمد زيان ليس إلا مجرد نموذج لما يمكن أن يفعله بك انعدام الإحساس بتغير الزمن.

ومع الأسف الشديد لاعتقال رجل في سنه، يجب الاعتراف أن ضريبة تبلد الإحساس هي ضريبة غالية جدا،خصوصا عندما تشرع في تصور نفسك، بسبب الانعدام هذا، أكبر من البلد كله.

هنا يلزمك أن تتوقف قليلا وأن تصمت.

هذا إذا كنت من طينة العقلاء الذين يفهمون ويحسون.

كنت من طينة أخرى؟ واصلت تبلد أحاسيسك كلها؟ امتطيت كل جياد "دون كيشوطي" الشهيرة وأردتمحاربة كل طواحين الوهم التي تختلقها بنفسك؟؟؟

عليك أن تتحمل المسؤولية أمام أنظار الناس الذين لم يصدقوا يوما أنك كنت مساندا جيدا، والذين لميصدقوا يوما أنك حقا معارض.

فقط لاغير، بكل حزن شديد…مهما قال لكم الكاذبون و "غرارين عيشة"، وأعداء بلدهم، وبقية "الشلة المحزنة" التي لاتضيف لنا إلا الأسف الشديد، يوما بعد يوم، و "لايفا بعد لايف".