ثقافة وفن

الجلابة البزيوية.. منتوج تقليدي مغربي أصيل يستدعي التطوير والحماية

أسامة خيي الجمعة 25 يوليو 2014
الجلابة البزيوية.. منتوج تقليدي مغربي أصيل يستدعي التطوير والحماية
image366

تعتبر الجلابة البزيوية منتوجا تقليديا مغربيا أصيلا ذا حمولة ثقافية ما يستدعي تطويره وحمايته والمحافظة عليه من الاندثار والتقليد الذي يسيء إلى أصالته وجودته.

ويرتبط اسم الجلابة البزيوية بمنطقة ابزو التابعة لإقليم أزيلال التي تنفرد بهذا المنتوج التقليدي المتميز بجودة عالية وإتقان في الصنع والذي بوأها مكانة عالية ومنحها صيتا واسعا على الصعيد الوطني، إذ تعود جذوره إلى قرون مضت، باعتباره النشاط الأساسي لساكنة المنطقة والمصدر الرئيسي لعيش غالبية الأسر إلى جانب تربية الماشية والفلاحة.

ويقدر عدد نساجات “الخرقة البزيوية” بمختلف دواوير ابزو – بحسب معطيات المديرية الجهوية للصناعة التقليدية بجهة تادلة أزيلال – حوالي 2000 صانعة منهن 123 نساجة منخرطات في سبع تعاونيات للنسيج البزيوي.

وفي هذا السياق، أكد عبد الهادي جيدان كاتب جمعية الوفاء الاجتماعية “مازوز”، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، على ضرورة الحرص على عدم إفساد هذه الصناعة بالمواد الأولية المعصرنة التي من شأنها تشويه طابعها التقليدي، والتصدي لسلبيات العولمة حفاظا على الموروث التقليدي ووضع دليل خاص بالمنتوج لفائدة الزبناء يطابق مميزات السلامة والجودة المحددة في مرجعية تطابق المواصفات الخاصة بالجلابة البزيوية الأصيلة.

وأبرز أن هناك عدة أنواع من النسيج البزيوي، منها “الخرقة” البيضاء التي تتكون من خيوط الصوف البيضاء على شكل شرائط متبوعا بشرائط من خيوط الحرير البيضاء، و”النمري” الذي يتكون من شرائط خيوط الصوف السوداء ممزوجة بشرائط من خيوط الحرير البيضاء، و”الخرقة الملونة” التي تنسج بخيوط الصوف البيضاء وألوان مختلفة من خيوط الحرير، فضلا عن “البرنوس” الذي ينسج بالصوف الأبيض والأسود.

وأشار إلى أن إنتاج النسيج البزيوي يمر من عدة مراحل أولها (غسل البطانة بعين تامدة، وإزالة سبائل الصوف “التخلخيل”، وإزالة الأوساخ العالقة بالصوف “التقرشيل”، والغزل، وتبييض الصوف بمادة الكبريت، والتكبيب، والتسدية، ولعصيم، والمدان (التجباد)، والتوقاف، والتنيار، وعملية النسيج والتكراج).

وتضم المواد الأولية المستعملة في النسيج البزيوي كل من خيوط الصوف الرقيقة والمتكونة من خيط واحد مغزول والتي تتوفر بالسوق المحلية، وخيوط الحرير المتكونة من ثلاثة خيوط مبرومة في ما بينها، يتم اقتناؤها من مدينة مراكش.

من جهته، أبرز عثمان عبد الله المدير الجهوي للصناعة التقليدية ببني ملال أن وزارة الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني وضعت علامة جماعية للتصديق خاصة بالنسيج البزيوي تعتمد المعايير والمواصفات التي حددتها الوزارة انطلاقا من خصوصيات ومميزات المنتوج بما في ذلك جودة المواد الأولية المستعملة وتقنيات النسيج البزيوي.

وقال إن من التدابير المتخذة لإنعاش النسيج البزيوي على مستوى البنية التحتية بناء قرية للنسيج البزيوي بمركز ابزو على مساحة تقدر بحوالي 2000 متر مربع بكلفة إجمالية بلغت 7,8 ملايين درهم، والتي تضم محالا للإنتاج، ومحالا للعرض والتسويق، ومحلين لبيع المواد الأولية، وساحة للبيع بالمزاد العلني “الدلالة”، ومخزنا، وقاعات للتكوين ومحو الأمية والأنشطة النسوية، وذلك في إطار شراكة ما بين وزارة الصناعة الوصية، ومجلس الجهة، والمجلس الإقليمي لأزيلال، والمجلس الجماعي لبزو، وغرفة الصناعة التقليدية.

من جانبه، قال جمال جاكني صانع تقليدي ينحدر من جماعة ابزو، إن إقبال المواطنين على “الجلابة البزيوية” يرتفع في العشر الأواخر من شهر رمضان الكريم، حيث يفضل سكان المنطقة ارتداء الجلابة البزيوية كمنتوج محلي التي تتراوح أثمانها ما بين 1500 وخمسة آلاف درهم لإحياء ليلة القدر وعيد الفطر، كما يرتديها المواطن في الحفلات والأعراس والمناسبات الدينية والوطنية.

ودعا بالمناسبة إلى إعطاء المزيد من الاهتمام لهذه الصناعة مثل الصناعات الأخرى وتشجيعها من خلال تنظيم معارض جهوية ووطنية ودولية على مدار السنة من أجل التعريف بمنتوج الجلابة البزيوية والسلهام وتقديم الدعم الكافي للصانعات البزيويات خاصة ذات الدخل الضعيف وتمكينهن من المواد الأولية وتشجيع تسويق المنتوج داخل المغرب وخارجه.

من جانبها، أبرزت النساجة فاطمة، وهي في عقدها الثالث، جانبا من تاريخها مع الجلابة البزيوية الذي بدأ منذ بلوغها سن خمس سنوات، حين عمدت أمها إلى تعويدها على اللعب بعودين صغيرين في صورة آلة الغزل، بنٍية إعدادها للنسج مستقبلا، وهو ما تأتى لها إذ التحقت فاطمة بالمنسج مباشرة بعد انقطاعها عن الدراسة.

وتحرص الصانعة عائشة، وهي في عقدها الخامس ، على تلقين أدبيات صناعة الجلابة البزيوية والسلهام لجميع بناتها وبنات الدوار، وتأمل في تحسين دخلها بتقنين عملية التسويق، وتفعيل
تعاونيات نساء ابزو اللواتي بدأن يتكثلن للتغلب على غلاء المواد الأولية وخوفا على حرفتهن من الاندثار.

وأشارت إلى أن غالبية نساء قرية ابزو التي تضم أكثر من 23 دوارا للنسيج البزيوي تتعاطى لهذه الحرفة منذ القدم، إذ ارتبط اسم المنتوج باسم المنطقة واقترن بالنشاط اليومي للمرأة البزيوية ليشكل بذلك موردا اقتصاديا هاما لغالبية البيوت، حيث تقل فرص الشغل بحكم طبيعة وتضاريس المنطقة.

وأجمع المهتمون بهذه الصناعة أن من بين المشاكل التي تعرفها الجلابة البزيوية غياب التسويق والإشهار، وإقبال بعض السماسرة والوسطاء على اقتناء الجلابة البزيوية بأثمنة زهيدة وبيعها بأثمنة باهظة في المدن الكبرى.