ثقافة وفن

الإعلام الرقمي في أصيلة

أسامة خيي الثلاثاء 28 يوليو 2015
الإعلام الرقمي في أصيلة
Capture d’écran 2015-07-27 à 21.18.30

AHDATH.INFO - طنجة - خاص

رُفع الستار رسميا يوم الجمعة الماضي عن فعاليات الدورة السابعة والثلاثين لموسم أصيلة الثقافي الدولي، من خلال الندوة الافتتاحية التي احتضنتها قاعة المؤتمرات بمكتبة الأمير بندر بن سلطان، حول موضوع "قُدُما نحو الماضي: نحو حرب باردة عالمية جديدة؟". ويومه الاثنين، كان الموعد مساء مع الجلسة الافتتاحية لندوة ثانية حول موضوع "الإعلام العربي في عصر الإعلام الرقمي"، سيُحاول فيها عدد من الخبراء الإعلاميين رصد الواقع الحالي للإعلام العربي، ومناقشة القدرات التي يتوفر عليها ما يُسمى بـ "الإعلام الرقمي" في التأثير على المتلقي، مقارنة مع الصحافة المكتوبة والإذاعة والتلفزيون، التي صار البعض يطلق عليها اسم "الإعلام التقليدي"، في الوقت الذي يُطلق فيه آخرون على وسائل الإعلام الإلكتروني وشبكات التواصل الاجتماعي اسم "الإعلام الجديد".

عبارة "الإعلام الجديد" التي أضحت مُتداولة عند البعض، لدينا عليها بعض التحفظ. فهي كما يفهمها الباحثون في مجال الإعلام، لا تعني فقط مجمل المعطيات الموجودة داخل حامل رقمي، مثل الرقاقات، وأشرطة الصوت والصورة الرقمية، والأقراص الصلبة، ومواقع الإنترنت. بل تعني كل ما يتم نشره بواسطة عتاد رقمي. فحتى السينما التي أصبحت تعمل اليوم بالنظام الرقمي DCP، هي إعلام جديد.

كما أن كلمة "رقمي" ليست مرتبطة فقط بهذا الإعلام الذي ينعته البعض بكونه جديدا، والذي ظهر بظهور الإنترنت، بل هي مرتبطة أيضا بوسائل الإعلام المُسماة تقليدية، التي أضحت كلها تعتمد اليوم على العتاد الرقمي، سواء في تقنيات الصوت والصورة بالنسبة إلى الإذاعة والتلفزيون، أو في تقنيات تركيب الصفحات من خلال البرمجيات الرقمية المُعتمدة في الجرائد الورقية.

إن التكنولوجيا الرقمية ليست محصورة اليوم فقط على المواقع الإلكترونية التي يمكن لأي كان أن يتصفحها وهو في أي مكان بواسطة هاتف محمول، أو على شبكات التواصل الاجتماعي التي يمكن لأي شخص، حتى ولو لم يسبق له أن درس أي حرف في معهد متخصص في الإعلام، أن ينشر فيها شريط فيديو صوره بهاتفه المحمول، أو يكتب فيها ما شاء من أخبار قد يصدقها البعض حتى ولو كانت مجرد خزعبلات. الإذاعة والتلفزيون هما الآخران يستفيدان اليوم من هذه التكنولوجيا، ويمكن أن يوظفاها بطريقة تضمن وصول الصوت والصورة مباشرة إلى الجمهور. فهناك في بعض البلدان العربية إذاعات وتلفزيونات متخصصة في الأخبار تُمكن مشاهديها ومستمعيها من متابعة الأحداث لحظة وقوعها. وهيئة تحرير الجرائد الورقية أصبح بإمكانها هي أيضا، من خلال التكنولوجيا الرقمية في مجال الاتصال، أن تُقدم للقارئ خبرا عن حدث وقع قبل ساعات قليلة. فأين يكمن المشكل إذن، مادامت كل وسائل الإعلام، كيفما كان نوعها، تستفيد من التكنولوجيا الرقمية؟

المشكل ناتج بالأساس عن كيفية التفاعل مع المتلقي، وعن مدى الاقتراب أو الابتعاد من الجمهور. ففي المواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي، يمكن للمتلقي أن يتفاعل مع خبر يعنيه، وأن يُعبر عن رأيه آنيا فيه، فيشعر بأنه طرف فاعل، حتى ولو كان رأيه قاصرا، وفكره محدودا، وتدخلاته رعناء. أما الإذاعة والتلفزيون والصحافة الورقية، فليس بمقدورها أن تخوض هذا الرهان، وأن تسمح بالتفاعل التلقائي مع الجمهور، وإلا فستُصبح هذه الوسائل الإعلامية مثل عمارة بدون بواب.

أحمد الدافري