AHDATH.INFOيبدو أن خطاب التيار الإسلامي في العالم العربي تحكمه نبرة حسرة، بعد أن كشف وصوله للحكم عقب الربيع العربي جملة من نقاط الضعف والنواقص التي أفقدته ما راكم من رصيد خلال فترات التنظير التي اعتقد فيها أنه قادر على إحداث "إعجاز" اقتصادي واجتماعي وثقافي يغير المشهد العام الذي طالما تفنن في انتقاده، إلا أن الواقع كان مغايرا وانتهى به نحو الهامش بانتظار عودة "أقوى" وهذه المرة عبر المجتمع المدني.كان الأمر أشبه بنقد ذاتي تقدم به عدد من المتدخلين خلال الندوة الرقمية حول موضوع "المجتمع المدني: عشر سنوات من الربيع الديمقراطي والحوار الوطني"، المنظمة من طرف حركة التوحيد والإصلاح الجناح الدعوي لحزب العدالة والتنمية، والتي أجمعت فيها الكلمات عن قصد أو غير قصد، على الحاجة لتوسيع هامش العمل السياسي نحو حقل المجتمع المدني، وقد ترسخت هذه القناعة على مهل بعد أن شكل المجتمع المدني لوقت قريب خط المواجهة مع التيار الإسلامي، لينجح في سحب البساط منه في عدد من المواضيع التي كشفت حجم الهوة بين التيار الإسلامي والتغيرات الجذرية التي تعيشها المجتمعات المسلمة.وزير الخارجية التونسي الأسبق، والقيادي بحركة النهضة التونسية،رفيق عبد السلام، كان واضحا في مداخلته حين أشار أن الحركة الإسلامية فوتت على نفسها التواجد داخل حيز عدد من المجالات المرتبطة بالمجتمع المدني عقب الربيع العربي، بسبب تواضع خبرة الإسلاميين في هذا المجال والتي كانت تقتصر على العمل داخل المساجد والأعمال الخيرية، في الوقت الذي كان "خصوم" التيار الإسلامي أكثر تواجدا في المجال الثقافي، والفني والعمل النسوي والمجال الإعلامي، ما يعني أن الإسلاميين الذين اعتادوا أسلوب تدبير "خشن" فوتوا على أنفسهم حصد النتائج الكبيرة للقوى الناعمة.القيادي بحركة النهضة كان واضحا حين أشار أن التيار الإسلامي يعاني من ضعف كبير على مستوى معرفته بالمجتمع المدني الذي يشكل اليوم عامل استقرار للدول وقناة بديلة عن العلاقات الرسمية بين الدول الكبرى، من جهته أكد عضو أمانة المصباح، مصطفى الخلفي، على كون الحاجة للمجتمع المدني لها راهنيتها تزامنا مع العمل على وضع أجندة للنهوض به من خلال التعجيل بإخراج المجلس الاستشاري للشباب والمجتمع المدني، وضمان الاستقلال الذاتي والمالي للجمعيات، إلى جانب استحضار التغيرات الجذرية التي فرضها التحول الرقمي الحاضن الأول اليوم لعدد من التعبيرات الاحتجاجية الاجتماعية، ما يتطلب تجاوز طرق الاشتغال التقليدية المرتبطة بالتأطير والتواصل وبناء التحالفات.رئيس حركة التوحيد والإصلاح، عبد الرحيم شيخي، أكد بدوره على هامش التحرك والتعبير الذي تضمنه حركات المجتمع المدني، مشيرا أنها نافذة على مبادرات نوعية لتمرير ما وصفها بدروس الممانعة والمقاومة، و ترجمة مداخلة رغبة التيار الإسلامي في التواجد مستقبلا على أكثر من واجهة وفي مقدمتها المجتمع المدني الذي يتقوى على تلاشي وضعف سمعة الفاعل السياسي بين صفوف فئة عريضة من الشباب الذي انتزع الكلمة ووجد بديلا للتعبير عن نفسه واهتماماته بلغته وطريقته الخاصة عبر البوابة الرقمية، وهو ما ينمي حسب الشيخي التخوف من تنامي المجتمع المدني الذي يمتلك آليات خطاب وتواصل متنافرة مع الخطاب السياسي المتجاوز، وربما فات الشيخي القول أنه يتنافر أيضا مع الخطاب الديني القائم على ضبابية المواقف تجاه مواقف المجتمع المدني الواضحة والجريئة في عدد من المحطات.
مجتمع / محليات
حركة التوحيد والإصلاح تضع عينها على المجتمع المدني كواجهة مستقبلية للتيار الإسلامي
التوحيد والإصلاح