أحداث أنفو

للمحن ثقل الجبال على نفوس من يحملها، والوضع في المناطق التي هدها الزلزال يحبل بالقصص المحزنة التي تظهر فصولها شيئا فشيء مع مرور الوقت، لكن الملفت في خضم هذه المعاناة التي هزت كل المغرب، هو ذلك الثبات والإيمان بقدر الله وقدره، والقوة في التعاطي مع المصاب بكل تداعياته.

في عشرات المقاطع التي أدمعت عيون المتطوعين، حتى أولئك المحترفين منهم ممن ألفوا التعامل مع الدمار، تم التوثيق لمشاهد تعكس صلابة مغاربة الجبل، الذين رغم جراح فقد أفراد من أسرهم، انخرطوا في عمليات الإنقاذ والبحث بين الركام عن ناجين، مع قطع مسافات لاستقدام المعونة رغم حمل بعضهم لاصابات جسدية و جروح معنوية عميقة.

حالة الثبات هاته كان لها كبير الأثر على ضبط الوضع ميدانيا، وتكثيف جهود البحث والإغاثة على إنقاذ من يمكن إنقاذهم، بدل صرف جهد مضاعف في تهدئة المتضررين ومحاولة طمأنتهم، وتظهر أهمية هذا المعطى بين صفوف رجال الإنقاذ، حيث اشار الكولونيل هشام شكري المكلف بقسم عمليات الإنقاذ في المديرية العامة للوقاية المدنية، أن حالات الانهيار والهلع التي تصاحب مثل هذه الكوارث، تستنزف 50 في المائة من جهود فرق الانقاذ لضبط الوضع ميدانيا ومباشرة البحث وجمع المعطيات، لكن قي أغلب الحالات التي تم الوصول إليها، كان المتضررون من الزلزال قد لملموا في زمن قياسي جروحهم للتعاطي مع الوضع المأساوي وإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

وأضاف الكولونيل شكري في تصريح على قناة الاولى، أن تعاون الساكنة هو ما ساهم في تدخل رجال الوقاية والسلطات في زمن قياسي، وهو ما كان يفسر توالي الإحصائيات حول عدد القتلى الذي يعكس سرعة التدخل لاخراجهم من تحت الأنقاض، الى جانب محاولات الوصول للمناطق النائية بناء على اتصالات الساكنة التي كان بعضها يتم من خلال قطع مسافات طويلة مشيا على الاقدام بعد انقطاع الاتصالات، الى جانب وعورة المسالك التي حالت دون وصول الآليات.

وأكد المكلف بقسم عمليات الإنقاذ في المديرية العامة للوقاية المدنية، أن تعاون الساكنة كان حاسما من خلال تقديم معطيات فعالة عملت على تدخل الفرق في أفضل الظروف الممكنة مقارنة وهذا الوضع الكارثي الذي تعقبه في العادة حالة من الهلع والفوضى والتردد، ولعل هذا ما جعل السلطات المعنية تؤكد لأكثر من مرة أن العمل يجب أن يتم بتنسيق دقيق حتى لا تكون النتائج عكسية، وذلك وفقا للتصور المتكامل الذي وضعه جلالة الملك، كما ان ثبات الساكنة مكن من سرعة التعبئة بطريقة فعالة، ليتحولوا إلى عنصر قوة في عملية البحث.

" الناس اللي ماتوا الله يرحمهم ويجعل متواهم الجنة، حنا دابا كنحاولو نعتقوا اللي بقى ونوصلو الناس للصبيطار ونوفرو الاكل والغطا للنساء خاصة الحوامل والعجائز والأطفال" يقول احد شباب الدواوير المتضررة الذي فقد أحد اخوته وابناء عمومته، إلا أن جسامة الوضع لم تنل من عزيمته في البحث عن حلول آنية، كمئات شباب وشيوخ المناطق المتضررة الذين يسارعون الزمن لتوفير الخيام والملابس، بحثا عن " استقرار مرحلي" بانتظار التدخلات الكبرى التي ستتولاها السلطات.