عقدت لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب صباح يومه الأربعاء 24 يناير 2024 اجتماعا ترأسه النائب عدي شجري، رئيس اللجنة و أمين منير علوي، عضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ومقرر الرأي وبحضور عدد من أعضاء اللجنة لدارسة رأي حول موضوع: "الأخبار الزائفة: من التضليل الإعلامي إلى المعلومة الموثوقة المتاحة". وحسب اللجنة فانه في بداية الاجتماع، تقدم عضو المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بعرض حول موضوع الأخبار الزائفة، معتبرا الموضوع ظاهرة خطيرة ذات آثار هادمة ومدمرة للمجتمعات والدول، محددا لأهم الأسباب التي تزيد هذه الظاهرة تطورا واستفحالا خاصة في ظل تطور وسائل الإعلام والاتصال وشبكات التواصل الاجتماعي، مشيرا في نفس الوقت إلى بعض الاقتراحات والحلول الكفيلة لمواجهة هذه الظاهرة وتفكيك عناصرها والحد من خطورتها.من جهة أخرى، أبدى النواب آراءهم ووجهات نظرهم حول ما جاء في رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، محذرين في نفس الوقت من خطورة الأخبار الزائفة ودورها في المس بأخلاق الأفراد والمجتمعات وفي تقويض الدول والأمم، داعين إلى ضرورة انتهاج الحكمة والحذر في معالجة آثار هذه الظاهرة ومحاربتها بكل الطرق المشروعة.للاشارة, فان المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي سبق أن أعد رأيا في إطار الإحالة الذاتية، وذلك تحت عنوان "الأخبار الزائفة: من التضليل الإعلامي إلى المعلومة الموثوقة والمتاحة"، واعتبر فيه ان مشكلةَ الأخبار الزائفة التي تَتَنَامَى على الصعيدين العالمي والوطني وتَتَعاظَم مع الاستعمال المتزايد للهواتف الذكية وانتشار شبكات التواصل الاجتماعي. ويمكن لتأثير الأخبار الزائفة السلبي أن يَطالَ الأفرادَ والمؤسسات والمجتمع بوجه عام .وقد جاء هذا الرأي، الذي اعتمدته الجمعية العامة للمجلس بالإجماع في دورتها العادية 141 في 29 دجنبر 2022، ثمرةَ نقاشات مُوسَّعة بين مختلِف الفئات المكوِّنة للمجلس، فضلاً عن مخرجات جلسات الإنصات التي نَظَّمها المجلس مع أبرز الفاعلين المعنيين، إلى جانب نتائج الاستشارة المواطِنة التي أطلقها المجلس بشأن هذا الموضوع على المنصة الرقمية "أشارك” (Ouchariko.ma). وفي هذا الصدد، سلَّط المشاركون الضوء على حجم انتشار الأخبار الزائفة، بحيث شدَّدوا على أهمية العمل على ضمان الحصول على معلوماتٍ مُتثَبَّتٍ فيها.يُعَدُّ انتشار الأخبار الزائفة ظاهرةً قديمة اتَّسَع نطاقُها مع ظهور وسائل التواصل الحديثة وانتشار استخدامها. ففي 2018، أجرى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا دراسةً حول الأخبار الزائفة، كَشفت أنها تنتشر بسرعة ستةَ أضعافِ المعلوماتِ الحقيقية.وقد أصبح نشر الأخبار الزائفة بقصدٍ أداةً تُستخدَم على نطاق واسع إمَّا لغاياتٍ رِبحية أو للتأثير على السلوك أو للإضرار بالمنظمات والدول على السَّواء، وهو ما يُخِلُّ بالنظام العام ويُضعف أداء الأسواق.ومِمَّا يُسهِّل تداولَ هذه الأخبار الزائفة محدوديةُ إمكانيةِ الوصول إلى المعلومات الرسمية والمُحَقَّقة، لا سيما وأنَّ المُواطِنَ لا يَملِك مِنَ الأدواتِ ما يكفي للتأكد من صحة سَيْلِ المعلومات المتداوَلة في مختلِف الوسائل الإعلامية. وعِلاوةً على ذلك، فإنَّ ما يقوم به أحياناً بعضُ "المؤثِّرين” مَدفُوعِين بِنَوايَا خبيثةٍ يَزيدُ مِن انتشارِ الأخبار الزائفة.وفي المغرب، تُوجَد العديدُ مِنْ مَواطِنِ الخَلَلِ والهشاشةِ التي تُؤدِّي إلى انتشار الأخبار الزائفة، ومنها على وجه الخصوص :
- عدم نشر البيانات الرسمية التي في حوزة بعض الإدارات بكيفية ممنهجة ومنتظمة أو بطريقة مُحيَّنة، وذلك بالرَّغم مِمَّا يَنُصُّ عليه صراحةً القانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات.
- محدودية الموارد البشرية والمادية لمختلِف وسائل الإعلام العمومية ليضطلع بدوره كاملاً في التصدي لانتشار الأخبار الزائفة.
- نقص واضح في منصات فعَّالة للتحقق من المعلومات بشكل أفضل، باستثناء بعض المبادراتِ المعدودةِ على رؤوس الأصابع.
- تفعيل الحق في الحصول على المعلومة، لا سيما من خلال إقرار إلزامية نشر جميع الوثائق الرسمية العمومية في غضون 24 ساعة من تاريخ المصادقة عليها على موقع الإدارة المعنية.
- التحقق من صحة المعلومات، وذلك من خلال:
- إحداث بوابة رقمية عمومية للتحققِ من المعلومات (Fact-checking) بخصوص الأخبار الرسمية في المغرب، مع ترصيد المبادرات التي تم إطلاقها على مستوى عدد من المؤسسات الإعلامية (وكالة المغرب العربي للأنباء والهيئة العليا للاتصال السمعي البصري وغيرهما).
- تقديم الدعم المالي لمواقع "التحقق من المعلومات” من خلال صناديق مستقلة على غرار صندوق الخدمة الأساسية للمواصلات، وذلك لضمان حسن سير هذه المواقع، مع الحرص على ضمان حِيادها وتعزيز مصداقيتها.
- إحداث نظام علامة مميزة مُوَجَّه لمواقع "التحقق من المعلومات”، وذلك على غرار علامة "e-thiq@” بالنسبة لمقاولات التجارة الإلكترونية.
- دعم المبادرات الرامية إلى إنشاء نُظُمٍ لرصد وتبادل المعلومات الزائفة بين المهنيين الإعلاميين، وذلك تيسيراً للتحقق من هذه الأخبار قبل نقلها والحد من انتشارها قدر الإمكان.
- تعزيز قدرات المستعمِلين والمهنيين في مجال رصد الأخبار الزائفة، وذلك من خلال:
- العمل بشكل منتظم (من قبل القطاع الحكومي المكلف بالتواصل، الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري...إلخ) على إثارة انتباه الساكنة من خلال مختلِف وسائل الإعلام إلى مخاطر "الأخبار الزائفة”، مع العمل على استهداف كل فئة على حِدَة (الأطفال والمراهقون والمُسِنُّون وغيرُ المتعلمين ...).
- تعزيز البرامج التربوية الإعلامية وتنمية الحس النقدي لدى المستعمِلين منذ سن مبكرة.
- توعية المهنيين وغير المهنيين من منتجي المعلومات (المدوِّنون والمؤثرون وغيرهم) بدورِهم والمسؤوليات الملقاةِ على عاتِقهم في مجال مكافحة الأخبار الزائفة، لا سيما من خلال تنظيم برامج للتكوين المستمر.
- تشجيع البحث العلمي والتعاون الدولي، وذلك من خلال:
- وضع برامج للبحث وتطوير آلياتٍ للرصد والتصدي لانتشار الأخبار الزائفة، بشراكة بين الدولةُ والمهنيين والجامعات.
- تعزيز الانخراط في الجهود الدولية لرصد ومكافحة الأخبار الزائفة، وذلك مواكبةً للتطورات التكنولوجية في هذا المجال.