نظم المركز المغربي للشباب والتحولات الديمقراطية بشراكة مع مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية، ومختبر القانون العام وحقوق الإنسان بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية المحمدية ندوة تحت عنوان: "الديمقراطية التشاركية والمشاركة المواطنة للشباب: التحديات والرهانات"، وذلك في سياق افتتاح مشروع "تقوية قدرات الشباب في مجال الديمقراطية التشاركية بجهة الدار البيضاء - سطات" الذي سينفذه المركز بشراكة مع المؤسسة خلال سنة 2024.

عزوف شبابي

وأوضح حسام هاب، الباحث في قضايا الشباب والمجتمع المدني، ونائب رئيس المركز المغربي للشباب والتحولات الديمقراطية، في تصريح لموقع "أحداث أنفو"، أن "المشاركة المواطنة من الآليات الهامة والجديدة التي يتم من خلالها ضمان مشاركة الشباب والمواطنين والمواطنات والمجتمع المدني في اتخاذ القرارات العمومية التنموية، الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وتتبعها وتنفيذها وتقييمها، من خلال ميكانيزمات الديمقراطية التشاركية التي تعتبر مدخلا أساسيا لتحقيق الحكامة في تدبير الشأن العام، وتساهم في تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة."

وعلى الرغم من توفر الآليات المسعفة على مشاركة الشباب المغربي في الشأن العمومي، يوضح حسام هاب، أن هناك عدد من التحديات التي تعرقل مشاركة هذه الفئة، في مقدمتها " العزوف عن هذه المشاركة نتيجة انعدام الثقة في الأحزاب السياسية والمؤسسات، إضافة إلى أن الشباب يعيش حالة من الإحباط لأن النسق الاجتماعي والسياسي والثقافي بالمجتمع لم يمكنهم من تحقيق انتظاراتهم وتطلعاتهم. إن واقع الشباب المغربي خلال العقدين الأخيرين يبرز عدة تحديات تواجه المشاركة المواطنة للشباب، والتي كانت آثارها بادية من خلال موجة الاحتجاجات التي عرفها المغرب في العقد الأول من هذه الألفية، وسقف المطالب التي عبر عنها الشباب سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، والنفور الكبير الذي يسجل على مستوى المبادرة والمشاركة السياسية والانخراط في المجتمع المدني رغم ما شهده المغرب في السنوات الأخيرة من دينامية مطردة للعمل المدني".

إشكالية الاستقطاب

هذه المعطيات لم تتبعها حسب نائب رئيس المركز المغربي للشباب والتحولات الديمقراطية، أي زيادة في مشاركة الشباب في الحياة العامة، ويبدو أن الشباب المغربي ينجذب أكثر نحو الفرص وأشكال التعبير التي لا تتجاوز شبكات التواصل الاجتماعي وتكنولوجيات المعلومات الحديثة، وهو ما يطرح إشكالية الاستقطاب بين صفوف الشباب الذي أصبح متطلبا، وذلك في سياق ديناميات مجتمعية وطنية تندرج في سياق عالمي يتميز بالتوسع المتسارع لفضاءات الحرية والاستقلالية في التعبير عن هذه الحرية، وتطور الأنترنيت، والولوج إلى عدد كبير من القنوات الفضائية، وكذا بروز وتطور نوع جديد من المطالب مثل الحق في العدالة والكرامة والحماية الاجتماعية الشاملة والعمل اللائق، والثقافة والترفيه والعيش في بيئة سليمة والمشاركة السياسية.

واعتبر هاب، أن مجال الشباب عرف تغييرا جذريا، "فالشباب المغاربة كغيرهم من شباب العالم يعيشون ويفكرون ويحلمون ويعملون ويتسلون ويحتجون بشكل مختلف. إن ظهور تكنولوجيات الإعلام والاتصال الجديدة حول قطاعات اقتصادية بأكملها، وأثر أيضا على الحياة لا سيما بالنسبة للشباب الذي أصبحوا متعودين بشكل كبير على استخدام وسائل الاتصال الحديثة، وعلى التعامل مع أنماط الاستهلاك الجديدة"، يقول هاب الذي يرى في هذه المتغيرات ضرورة لإحداث تغيير جذري في العرض المقدم للشباب المغربي من خلال تكيف المجتمع مع الواقع الجديد، من خلال تقديم عرض ذي مصداقية يستجيب لحاجيات هذا الجيل الجديد من الشباب، وأن يكون امتدادا للسياسة الخاصة بالطفولة، ويرقى إلى مستوى انتظاراتهم الحقيقية، ويعيد لهم الثقة في الأسرة والمدرسة والمؤسسات التمثيلية.

سياسات للشباب

ولبلوغ هذه الغاية، حسب الباحث في قضايا الشباب والمجتمع المدني، ينبغي وضع تعاقد اجتماعي كبير بين الدولة والمجالات الترابية والشباب، ويتمثل هذا التعاقد في إقرار سياسات عمومية موجهة للشباب تتسم بالبعد المندمج بدل القطاعي والطابع الترابي بدل المركزي، ويجب أن تكون متناسبة مع اختلاف وتنوع فئات الشباب، وكذا خصوصيات مختلف المجالات الترابية.

تجدر الإشارة ، أن مشروع "تقوية قدرات الشباب في مجال الديمقراطية التشاركية بجهة الدار البيضاء - سطات" الذي سينفذه المركز المغربي للشباب والتحولات الديمقراطية، يروم تكوين الشباب في مجال المشاركة المواطنة وتمكينهم من آليات الديمقراطية التشاركية، لعدم مشاركتهم في النقاش العمومي واتخاذ القرار السياسي، حيث أكد رئيس المركز المغربي للشباب والتحولات الديمقراطية يوسف الكلاخي، أن الدينامية التي يعرفها السياق المغربي، ملائمة بشكل كبير لإبراز قدرات الشباب، مسجلا أن المركز اشتغل على الكثير من المشاريع في مجال تقوية قدرات الشباب خاصة تعزيز المشاركة المواطنة للشباب والديمقراطية التشاركية. ومن جانبه أكد عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية المحمدية، محمد شادي أن النواة الجامعية منفتحة على شركائها ومحيطها الخارجي، بهدف تمكين الطلبة الباحثين من الأدوات والآليات المساعدة في التحليل والتحصيل الأكاديمي، في ظل ما ينص عليه الدستور المغربي حول تعزيز مشاركة الشباب في الشأن العام والمشاركة السياسية، كما نص على آليات العرائض والملتمسات في مجال الديمقراطية التشاركية.