الآن وقد وضعت "حرب" اقتناء خروف العيد أوزارها، وجب على قدرتنا الشرائية الجماعية طرح السؤال عن مدى قدرتها على خوض "حرب" العطلة الصيفية، قبيل الدخول مباشرة في "حرب" الدخول المدرسي. 

التساؤل حول الاستمرار في خوض هاته الحروب الدونكيشوطية بنفس الأخطاء كل مرة، وبنفس الإصرار على الانخراط في التنافس المجتمعي المحموم في كل واحدة منها، هو تساؤل ذكي وضروري. 

ذلك أنه فعلا هو الحل الوحيد الذي سيمنع المشاهد التي رأيناها قبيل العيد، لجزء من شعبنا يبكي ويشكي عدم قدرته على مسايرة ارتفاع أسعار الأضاحي هذه السنة، ويتبرم من تركه فريسة مضاربين صغار، وآخرين أكبر، يحملون عند الشعب مسمى "الشناقة"، لا يفوتون فرصة أي شيء عليه الإقبال في بلادنا لكي ينتهزوها ولكي يجعلوا منها لحظة شي حقيقية للبسطاء فوق نيران أسعارهم. 

دور المواطن الواعي في مثيل هذه المناسبات، ليس تسجيل نفسه يتحدث في اليوتوب وفي غيره من منصات المشاهدة. 

الدور العاقل هو طرح السؤال عن القدرة الشرائية لهذا المواطن، وهل تستطيع توفير الضروريات الحقيقية له أولا، ثم هل تسعفه لتوفير الكماليات المتبقية، والعيد، باعتباره سنة وليس فرضا، واحد من هاته الكماليات التي لها أجر عظيم عند الله، لكنها لا ترقى لمستوى الفريضة، والفرق شاسع وواضح ويعرفه ذوو الألباب والعقول. 

هي حكاية تتكرر كل سنة، كادت هذا العام أن تنزع عن العيد فرحته، وأن تحوله إلى مناسبة تعيسة لتبادل الشكوى والكلام البئيس حول سعر الأضحية وبورصة تداول أثمنتها وبقية التفاهات. 

لذلك وجد فعلا طرح السؤال عن هذا التغير الكبير في علاقتنا بهذه المناسبة، وبغيرها من المناسبات الأخرى بطبيعة الحال، وكل هذا بسبب استهلاك غير عاقل يهلك فعلا قدرة الجموع الشرائية، التي لا تتحمل أصلا المزيد من الإنهاك.