كشفت جمعية أبي رقراق عن ملامح النسخة 14 من مهرجان مقامات، التي تنظم هذا العام تحت  شعار  "الملحون... مسارات ومقاربات جديدة"، و أهدت فعاليات الدورة الجديدة لفقيد الادب المغربي الراحل عباس الجراري.

الدورة الجديدة من المهرجان المنظم من طرف جمعية أبي رقراق  بشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل -قطاع الثقافة- وبتعاون مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية عمالة سلا، تدخل في إطار مواكبة تصنيف الملحون تراثا إنسانيا لا ماديا، حيث تمتد فعالياتها من فاتح إلى سابع يوليوز 2024، وتتوزع الأنشطة عبر فضاءات أصيلة في سلا العتيقة ، رواق باب فاس، وباب الصناعة البحرية، وساحة ضريح سيدي عبد الله بنحسون، وساحة سوق الغزل، ولأول مرة برج باب سبتة وباب احساين.

وإلى جانب احتضان الفضاءات العتيقة لأنشطة محورية تتساوق مع شعار المهرجان، هناك فضاءات في سلا الحديثة حيث قررت جمعية أبي رقراق أن تشرك مختلف المناطق الكبرى لجارة العاصمة وساكنتها في مقامات 2024، والحديث هنا عن المركز الثقافي والاجتماعي لقرية أولاد موسى، ومركب التنشيط الثقافي تابريكت، إلى جانب المقر المركزي لجمعية أبي رقراق ببطانة.

ومن خلال النسخة 14 لمقامات، يعود  النبض إلى قلب مدينة سلا ، وهذه المرة سيكون عريس الدورة الملحون، كما سيحضر الفقيد عباس الجراري الذي حمل لقب عميد الأدب المغربي عن جدارة واستحقاق،.

ومن أجل ذلك سطرت الجمعية، حسب ماورد في بلاغ لها ،  برنامجا حافلا ومكثفا، فيه الكثير من الفرجة الفنية التراثية والاحتفاء بالأسماء الإبداعية الفنية والثقافية والفكرية، من خلال تقديم وتوقيع كتب صادرة حديثة، إلى جانب الحضور النوعي للحكاية والزجل كما كان عليه الأمر في النسخة 13 من المهرجان.

وعن الدورة 14 من مقامات قال نور  الدين شماعو رئيس جمعية أبي رقراق في كلمة تضمنها كتيب المهرجان، إنها "تعزير للشراكات من أجل فعل منتظم وفعّال"، وأكد أن الدورات السابقة لهذا الحدث الثقافي والفني منذ تأسيسه سنة 2009، تشكل "محطات سنوية تسعى إلى تعزيز الشراكات مع الجهات العمومية، وتنظيمات المجتمع المدني، في إطار الانفتاح على من يتقاسمون مع الجمعية خصوصيات هذا المهرجان".

ولم يفت شماعو التنويه بالانخراط الجديد للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية عمالة سلا في هذه الدورة الجديدة من مقامات، بحضور نوعي يعزز السابق من الدورات الثلاث الأولى، لوزير الشباب والثقافة والتواصل محمد المهدي بنسعيد، الذي خصه أيضا رئيس الجمعية بالشكر وأكد أن التاريخ سيسجل له أنه قد فتح للمهرجان أفقا أكثر رحابة وتذليل الصعاب التي تعترض مشاريع ثقافية فنية منها مقامات.

الشعار المحوري للدورة 14 من مهرجان مقامات جسدته جمعية أبي رقراق في برنامج دقيق يشدد على السعي للاحتفاء بالملحون من خلال مقاربات جديدة، لذلك كان قرار إنجاز عمل درامي مستمد من الثقافة الأمازيغية وصياغة قصته وحواراته ببحور شعر الملحون ويتمثل في ملحمة العشق القتال "إيسلي وتسليت".

خطوة أخرى في درب مواكبة تصنيف الملحون تراثا لا ماديا من طرف اليونسكو، تجلت في تسجيل وترويج الدفعة الأولى من الخزانة الصوتية لعيون قصائد شعراء المحلون السلاويين مند القرن 17، وتتكون هذه  الدفعة من 10 قصائد سيتم توزيعها في أقراص مدمجة على متابعي أنشطة المهرجان.

لا يحضر الهاجس الفني والثقافي فقط في مهرجان مقامات، بل يتجاوزه إلى البعد الاجتماعي من خلال التشغيل المؤقت لأكثر من 350 من المثقفين والأدباء والفنانين الدراميين والموسيقيين والتقنيين والأعوان، وهو ما تحرص عليه إدارة المهرجان في كل دورة حيث يتم اشراك العديد من الفاعلين في مجالات الثقافة والفن والتنشيط ومختلف المجالات ذات الصلة بإنجاز فضاءات مقامات والسهر على سيرها العادي.

بالنسبة ليوم الافتتاح سيحتضنه مركب التنشيط الفني والثقافي تابركيت، وسيكون عبارة عن حفل مدته 90  دقيقة وستتضمن حصته الأولى تقديم الشريط التلفزيوني لملحمة العشق الامازيغي "إيسلي وتسليت"، والذي أشرف عليه فكرة وإخراجا الباحث والمبدع عبد المجيد فنيش، ويشخصه خيرة من الممثلين البارزين في المشهد الدرامي المغربي.

الحصة الثانية من حفل الافتتاح، ستكون عبارة عن عرض فني عبارة عن تركيب موسيقي لربع قصائد تحكي قصة واحدة وصياغات مختلفة لملحمة "إيسلي وتسليت"، وينشدها توفيق أبرام وعبد الطيف التوير ومصطفى الخليفي وأيوب كليدي، فيما التنسيق الموسيقي يشرف عليه التهامي بلحوات.

وطيلة الفترة الممتدة من ثاني إلى سادس يوليوز سيكون رواق باب فاس مع 6 جلسات لتقديم وتوقيع 11 إصدارا فكريا يرتبط بالتراث الأدبي  عامة وبالملحون على وجه الخصوص، في العمق العتيق دائما لمدينة سلا، ستحتضن ساحة ضريح سيدي عبد الله بنحسون ملتقى المديح والسماع تشارك فيها عدة طرق صوفية.

الملحون يحضر أيضا في ساحة باب أحساين، من خلال أمسية تحييها ثلاث مجموعات، وفي السياق نفسه لأصالة الكلمة المغربية، نجد ساحة سوق الغزل وقد فتحت فضاءها لأمسية الزجل والحكاية يشارك فيها 8 شعراء، كما ستحتضن حفل توقيع وتقديم كتاب "قريحة اللواعج" لتوفيق أبرام.

حفل ملحوني آخر سينقل عشاق مقامات إلى المقر المركزي لجمعية أبي رقراق، ويتخصص في موضوع المهن الطبية ومهن التربية والتعليم ويكرم خلاله البروفيسور الطاهر الأحرش والأستاذ سعيد حيان، إضافة إلى حفل ثان كحصة ثانية في المكان نفسه.

باب الصناعة البحرية حاضر أيضا من خلال أمسية لأربع مجموعات شبابية في الطريقة الصوفية العيساوية، فيما برج باب سبتة سيكون على موعد مع لقاء فكري حول "تاريخ أبرز أبراج سلا وأبوابها"، وبمعية الفكر يستعيد مقامات الحسين السلاوي من خلال حفل فني تركيبي لبعض أغانيه.

وكعادة مقامات لا يودع عشاقه إلى بحفل حتامي باذخ، اختارت الجمعية لإحيائه ثلة الفنانين والمنشدين يشاركون في تركيب موسيقي ملحوني لمقتطفات من قصائد الدفعة الأولى لذاكرة الخزانة الصوتية لشعراء الملحون السلاويين.