رغم ثروة الغاز الضخمة، لم يستطع عسكر الجزائر توفير الظروف الطبيعية لشعبهم، حيث لاتزال الجزائر العاصمة، تواصل حصد التميز كأسوأ مدينة في العالم، ضمن تصنيف جديد حول المدن الأكثر قابلية للعيش لعام 2024.

واعتبر التقرير الصادر عن مجلة الأيكونوميست البريطانية، أن العاصمة الجزائر، جاءت في المركز قبل الأخير، والذي يضم 173 دولة، باعتبارها أسوأ مدينة وأقل مدينة صالحة للعيش، معتبرة أنها لم تشهد أي تحسن في نتيجتها الإجمالية خلال السنة الماضية.

اعتبار الجزائر العاصمة كمدينة غير صالحة للعيش، يمكن أن يحيل للسؤال عن باقي مدن دولة العسكر، التي تنعدم فيها شروط الحياة كليا، حيث لم تتفوق الجزائر العاصمة سوى على مدينة دمشق، التي تعيش تحت تأثير الحرب منذ سنوات.

ويفضح هذا التصنيف دولة الكابرانات، حيث يكشف أن كل مداخيل الغاز الضخمة، لا تنعكس على حياة السكان، بل يتم استغلالها من قبل الطبقة العسكرية التي يعيش أفرادها حالة البذخ، بينما يعيش أغلب الشعب الجزائري تحت حد الفقر، حيث يفتقر لكل مقومات الحياة، وحيث لاتزال أغلب السلع مفقودة، وليست في متناول فئة عريضة من قاطني دولة العسكر.

ويأتي هذا التصنيف، في وقت تعيش فيه مناطق الغرب الجزائري على وقع الاحتجاجات، بسبب غياب المياه، والتي دفعت ساكنتها لقطع الطرق وإحراق العجلات، فيما عجزت حكومة الكابرانات عن تدبير هذا الملف، بالرغم من خطاب تبون الذي تعهد فيه قبل أسبوعين لحل الأزمة في غضون 48 ساعة، لكن الوعود ذهبت أدراج الرياح.

كما يأتي هذا التصنيف ليحرج النظام العسكري، الذي يستعد لتقديم مرشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة، حيث يتم الترويج لإسم تبون كمرشح للكابرانات، حيث تصبح كل وعوده السابقة واللاحقة بخصوص تحسين حياة الجزائريين، مجرد فقاعات في الهواء، بعد أن فشل في تحقيق أي من وعوده السابقة وتصريحاته العنترية حول بلاد « القوة الضاربة »، وتأكد الشعب بالملموس أن وضعهم في ظل العسكر، سيبقى كما هو.

ويفضح هذا التصنيف دولة العسكر، حيث أن كل سياساتها قائمة على معاداة المغرب، مستغلة في ذلك كل موارد الدولة ومقدراتها الضخمة، والتي تستغل في شراء الذمم، ودفع المال السخي للوبيات في العالم، وكل ذلك فقط للإضرار بالمغرب، بينما تترك شعبها عرضة للجوع والفقر ونقص الحاجة.

كما أن الوضع السياسي المضطرب في بلاد الكابرانات، يزيد من حجم الخطر الذي يهدد البلاد، حيث أن الوضع في جزائر العسكر ليس على ما يرام، فالتشنج سيد الموقف، وضبابية المشهد لا توحي بأن الوضع في بلاد «المليون شهيد» تسير بأمان، بعد أن أصبح الصراع على أشده بين أجنحة الحكم، بسبب عدم وجود تصور واضح للمرحلة المقبلة التي يتقاسمها هاجس دعم ولاية تبون، والتي لا تحظى بالإجماع، مع عدم وجود بديل قادر على قيادة المرحلة المقبلة.

وفي ظل هذه الضبابية وبعد تداول عدد من التقارير الإعلامية لمعلومات عن نية النظام العسكري تأجيل الانتخابات الرئاسية في فترة سابقة، عادت فكرة الانتخابات لتتسيد المشهد، ويبدأ تبون حملته غير الرسمية لتسويق نفسه، لكن هذا الخروج لايزال لايحضى بالدعم الكامل من المؤسسة العسكرية المنقسمة على نفسها.

وزاد من ضبابية هذا المشهد، الزيارة التي قام بها تبون لإيطاليا، ولقاءه بالرئيس الفرنسي ماكرون، على هامش قمة السبع، حيث كشفت تقارير إعلامية، أن دعوة تبون لإيطاليا تمت في أخر لحظة، ولم تحض بالدعم الكامل للعسكر، حيث كان من نتائجها حالة من الفتور بين قصر المرادية والمؤسسة العسكرية، والتي انتقدت هذا اللقاء غير المبرمج.

وسط هذا التخبط الذي تعيشه الجزائر، أصبح السؤال المطروح من قبل المتابعين والمحللين، هو السياسة التي سيسلكها نظام العسكر من أجل مواجهة هذا الواقع البئيس للشعب الجزائري، في ظل العزلة التي قاد بلاده لا وأصبحت مهددة بالعقوبات من الاتحاد الأوروبي، بالقدر الذي أصبحت فيه في حالة عداء مع عدد من الدول المجاورة.

وقد زادت حالة العزلة التي فرضها النظام العسكري على بلاده، من حالة الفقر شعبه في ظل انعدام المناورات التي كان يمتلك بعض أوراقها، لتصبح شماعة المغرب، سبيله الوحيد لتبرير فشله، ومحاولة إلهاء شعبه بورقة العداء مع المغرب، علها تلهيه عن الالتفات لوضعه ونسيان حالة الفقر والحاجة، لكنه رهان يظل مؤجلا إلى حين، في ظل الخوف الزائد للنظام من عودة الحراك الشعبي لتوهجه السابق.