مسألة ذوق! 

الحرب ضد الرداءة والنزق والاستسهال والبحث عن البوز الفارغ في الأنترنيت، هي حرب ذوق سليم ضد ذوق مريض أولا وقبل كل شيء. 

مسألة الذوق السليم هاته لا تشترى، وهي تمس كل جوانب الحياة، وتمنحها الصدف لمن تحبهم، وتحرم منها آخرين بكل اختصار، وله علاقة بما نقوم نحن به تجاهه. 

لذلك، وعندما نرى مد القبح الطافح هذا عبر مواقع اللاتواصل الاجتماعي، وقد صارت له الغلبة والكلمة العليا، وصار صوته أعلى من بقية الأصوات حتى أكثرها عقلا وتعقلا، علينا أن نفهم حجم المصاب، وأن نعرف أن الأمر له علاقة باختيارات جماعية لنا أفرزت هذه الكارثة. 

هل من الممكن اليوم تدارك الأمر، والتغلب من جديد على قلة الذوق المنتشرة في الأنترنيت، والتي لم تعد توقر أي موضوع، كبر شأنه أم صغر، وأضحت تتطاول بجهالة عمياء على الجميع؟ 

نعم، ممكن، بقيامنا داخل أسرنا بدورنا التربوي الفعلي، لا دور ممون الحفلات الذي يكتفي بإطعام الجوعى وتوفير اللباس لهم ونسيانهم العام كله، وبقيامنا داخل مدارسنا بدورنا التربوي الثاني، المسبق على التعليمي، لا دور ملقن الكلمات والجمل والمواضيع بشكل آلي وحشو أذهان الصغار بها ورميهم في الخلاء إلى محيط لم يعد قادرا على التمييز بين الصالح وبين الطالح فعلا. 

لازال هناك أمل. 

أنا المتفائل الأبدي رغم كل الظواهر الباعثة على التشاؤم، أقولها لنفسي ولمحيطي المقرب، وأقولها لكم اليوم عبر هاته الملحوظة: لازال هناك أمل. 

لا حل إلا التشبث بالجملة والإيمان بها، ماذا وإلا...

 

الحالة: الرجاء! 

حققت الرجاء البطولة والكأس هذا الموسم، بجمهور خرافي ولا في الأحلام، بمدرب ألماني صارم ذي بصمة مميزة وواضحة على الفريق، بلاعبين «كلاو الربيع» من أجل ناديهم ومن أجل إسعاد جماهيرهم العريضة، وأخيرا برئيس هو هنا وليس هنا، أي بمحمد بودريقة صانع الحدث الرجاوي عن بعد وبتميز هذا العام. 

من يقترب قليلا من هذا الفريق، سيعرف أن حالة حب ناسه له هي حالة خاصة، وهي فعلا لا تشبه حالة بقية الفرق. 

نعم، لكل مغربي مدينة أو قرية أو مسقط رأس هو هواه الأول في الكرة وفي غير الكرة، لكن الرجاء تظل بالنسبة للكثيرين مكان التقاء عشق «اللعب الزين»، بهوية واضحة ومتميزة، وبتاريخ من الفرجة والشعبية والمقاومة والحديث في السياسة وفي الفن وفي المجتمع وفي كل مناحي الحياة. 

باختصار يحب المغاربة الرجاء لسبب كبير أساسي، هو أنها... الرجاء. 

فقط لا غير. 

 

 

تحية ضرورية! 

يجب أن تسافر إلى أكادير، لكي ترى بعينيك وتلمس على أرض الواقع فعلا المجهود الخرافي الذي قامت به القوات الأمنية وقوات الدرك الملكي والقوات المساعدة لتأمين مرور لقاء النهائي بين الجيش والرجاء بسلام. 

يجب أن تنزل إلى الميدان فعلا، وأن ترى حالة التأهب القصوى التي كانت عليها مختلف هاته الأجهزة، وحالة ضبط النفس الرائعة والمهنية التي تحلت بها لكي تسير لقاءا كان الكل يعرف أنه يجمع جمهوري فريقين (لا يحبان) بعضهما كثيرا. 

نجح إخوتنا وأهلنا في أمننا الوطني، وفي الدرك والقوات المساعدة في المهمة بامتياز يستحقون شكرا كبيرا عليه. 

نعم، رأينا في أعينهم بعد انتهاء المهمة بنجاح تعبا مشروعا وإنسانيا حقيقيا، لكن رأينا مع التعب التماعة الفخر الوطني بأنفسهم وبجهازهم وبقيادتهم أنهم «خرجوا السربيس بسلام». 

كل كلمات الشكر لا تكفيهم حقيقة، ولولاهم لما استطعنا الالتقاء الجماعي في أي نشاط. 

شكرا كبيرة لكم ولكن على المجهود الوطني والمواطن الكبير.