يمكن للجمهور الإيراني في المغرب أن يقرأ نتائج الإتخابات الرئاسية الأيرانية على نحو مختلف، ذلك سيساعده على فهم شروده في الحالة المغربية.

في الدور الثاني من هذه الانتخابات تواجه المحافظ المتشدد سعيد جليلي، والإصلاحي المعتدل مسعود بيزشكيان.

وظل العالم يترقب أي جواب سيقدمه الأيرانيون في سياق التحديات التي تواجهها طهران ومواقفها من تطورات القضية الفلسطينية، هل ستقدم جوابا تصعيديا يمثله سعيد جليلي، ام ستعرض جوابا براغماتيا يمثله مسعود بيزشكيان.

يدعو جليلي الى الصرامة في مواجهة الغرب، وخصوصا امريكا، ويعتبر الا فائدة من التفاوض حول الملف النووي، يتوقف كثيرا عند غزة ومحور المقاومة، ويرى ان على ايران التوجه نحو روسيا والصين ...

على العكس من ذلك، قدم مسعود بيزيشكيان عروضا مختلفة، التفاوض مع امريكا، المرونة لرفع العقوبات، تقوية العلاقة مع اوروبا. ان تكون العلاقة مع الصين وروسيا متوازنة مع علاقات واشنطن ولندن وباريس، مسعود لا يتوغل كثيرا في جحيم الشرق الاوسط وغزة ...

ماذا اختار الايرانيون في سياق التطهير العرقي في فلسطين والاستعداد لتخريب ما تبقى من لبنان؟ وماذا اختاروا في سياق التلويح الاسرائيلي بالتصعيد؟.

الذي حصل هو ان الناخب الايراني والدولة العميقة في ايران اختاروا مسعود الاصلاحي المعتدل على سعيد الراديكالي المتشدد، وبدلوا جميعا مجهودهم كي ترتفع نسبة المشاركة في الساعات الأخيرة للتصويت كي لايفوز سعيد.

اختاروا نفس الأسلوب الذي نهجوه ليلة الاستعراض الكبير للمسيرات في الرد على إسرائيل: رسائل رمزية تفيد التهدئة وعدم التورط في التصعيد.

ما يهم الايرانيون اليوم هو الحالة الاجتماعية الناتجة عن العقوبات الدولية، وموقع إيران في صفقات الشرق الأوسط، والباقي من غزة الى اليمن والعراق وجنوب لبنان .. ليس سوى أوراق ضغط وتفاوض.

في انتخاباتهم لم يكن الايرانيون فلسطينيين اكثر من القلسطينيين، كانوا أيرانيين أولا، ومن أجل مصلحة إيران قبل كل شيء.

ولذلك قدموا للعالم رئيس تقاوض حول المصالح، وليس رجل دعوة الى صعود الجبل.

درس واضح ومفهوم للجمهور الايراني في المغرب: لاشعبوية ولامزايدات وبطولات وهمية في تدبير المصالح العليا للأمم والدول.