رفع مجموعة من الفاعلين «هاشتاغ» على مواقع التواصل الاجتماعي، يدعون فيه إلى إنقاذ واحات المغرب من الاندثار.
المطلب هو استمرار الأصوات التي تنادي، منذ سنوات، بضرورة البحث عن مخرج من المأزق الذي توجد فيه واحات المغرب. هذه الواحات التي وصل بعضها إلى مرحلة الاحتضار، وتستدعي إعلانها مناطق منكوبة، بالمعنى الحرفي للكلمة.
واحات تافيلالت ودرعة وفكيك وطاطا وكلميم، هي الآن أكبر منظومة إيكولوجية تضررت من مخلفات الاحتباس الحراري، كونها منظومة تتسم بالهشاشة. غير أن التغيرات المناخية لم تكن هي الوحيدة التي تساهم في إتلاف الواحات في المغرب، بل هناك عدة عوامل أخرى، على رأسها غياب سياسة تعنى بهذه الواحات وتوفر لها شروط الحياة.
مجموعة من الواحات اليوم في المغرب، خصوصا في منطقتي تافيلالت ودرعة، بلغت مرحلة متقدمة من الفناء والضياع. فأشجار النخيل بدأت في الانقراض بسبب قلة المياه أو انعدامها، إضافة إلى تواتر الحرائق وأمراض البيوض وغيرها. غير أن العوامل المذكورة ليست سوى أعراض تسببت فيها السياسة المتبعة، وهي سياسة عوض أن تساهم في الحفاظ على المنظومة، تخربها باختيارات متعددة على رأسها الاستغلال البشع وغير المعقلن للماء، وفتح المجال لزراعات تخرب المنظومة الإيكولوجية للواحات سواء من خلال استهلاكها المفرط للماء أو اعتمادها على مبيدات ومواد كيميائية تخرب التربة وتقضي عليها. إضافة إلى عدم التفكير في نهج عقلاني يأخذ بعين الاعتبار خصوصيات الواحة بشريا وطبيعيا.
مجموعة من الواحات في المغرب خرجت من نظامها الطبيعي، فقد انهارت المنظومة وتحولت عدة أماكن إلى خراب اختفت فيه أشجار النخيل واختفت فيه الزراعات الأخرى، وتظهر تلك المناطق وكأنها تعرضت لدمار شامل لا تخلفه حتى الحروب التقليدية.
في هذا الوضع أصبح السكان، أو من تبقى منهم مقيما، في وضع شاذ بعدما اختفت شروط السكن التي كانت تقوم على وجود الواحة، ووجود الحياة بها. والمخيف في الأمر أن مجموعة من الدراسات تنذر بالأسوأ بعدما تنبأت باختفاء الواحات في سقف زمني إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه الآن من لا مبالاة وعدم تدخل من الحكومة.
الوضع الحالي للواحات بالمغرب جد مقلق، حيث تراجع مستوى المياه الجوفية، مما أثر على أشجار النخيل المعروفة بجذورها العميقة. أيضا توالي سنين الجفاف، وهجوم الرمال وزحفها بشكل متسارع، إضافة إلى ما تتعرض له الواحات بشكل دوري من هجوم الجراد، وتفاقم الأمراض التي تصيب النخيل خصوصا مرض البيوض، إضافة إلى توالي الحرائق التي تواترت بشكل كبير في السنوات الأخيرة خصوصا في فصل الصيف. فقد شهدت واحات درعة وحدها أزيد من 260 حريق في الأربع سنوات الأخيرة، أتى على حوالي 30 ألف نخلة..
كل هذه العوامل تضع النظام الأيكولوجي للواحات في وضعية خطيرة وفي وضع مرضي، بل هي مرحلة جد متقدمة من الفناء. وتفيد بعض الإحصائيات أن شجر النخيل في المغرب تراجع بأكثر من الثلثين مقارنة مع مرحلة دخول الاستعمار الفرنسي إلى المغرب.. ففي بداية دخول الاستعمار إلى منطقة الجنوب الشرقي في بداية الثلاثينيات من القرن الماضي كان المغرب يتوفر على حوالي 15 مليون شجرة نخيل. ما تبقى من هذا الرقم الآن لا يتجاوز 5 ملايين شجرة والباقي قتله الحرائق والأمراض والبشر..
غير أن أخطر ما تواجهه هذه المناطق، هو هذا التعامل غير المفهوم من الحكومة، في وقت يتطلب الوضع الإسراع بمخطط استعجالي مندمج يستهدف إنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان.