«نور الحمام»! 

لست من أنصار الاقتتال بين الصحافيين الرياضيين حول تغطية الألعاب الأولمبية. أفضل قليلا، أو في الحقيقة كثيرا من التعقل ليحكم بين الزملاء في هذا القطاع، الذين يلزمهم حقا التوصل ذات يوم إلى طريقة منظمة، محكمة، عاقلة، غير فوضوية لتنظيم طريقة اشتغالهم، إن داخل ملاعب الوطن، أو خارجه، وفي مختلف الرياضات، أولمبية كانت أم لا. 

أفضل هذا الأمر، وإن كنت أعرف صعوبته، بل وربما استحالته، على أن يستل بعضنا السيوف ويشهرها في وجه بعضنا الآخر، وننطلق من جديد في حفلة «ردح» حزينة أخرى تسيء لمهنة لم تعد قادرة على تحمل المزيد من الإساءات. 

دعه يعمل، دعه يعيش، ولنحاول فقط عدم تشويه هذا الوجه الجماعي المشوه أصلا والمليء بكل أنواع الخدوش. 

 

احترام الاختيارات! 

يطالبك كائن الأنترنيت المغربي، المواطن الافتراضي، باحترام اختيار يامين جمال اللعب مع إسبانيا، ولكنه لا يحترم اختيار الحسين عموتة مغادرة الأردن وتدريب «الجزيرة». 

يطالبك نفس الكائن (ديال بالعاني) باحترام اختياراته في سب المهرجانات الفنية وتنظيمها، ولكنه لا يحترم اختيار من يذهبون إلى تلك المهرجانات في حضورها، وقد يصفهم في لحظة حماس مبالغ فيها بالحمير دون أن يحس بأي ذنب. 

يطالبك المخلوق ذاته باحترام مختلف مشاعره وأحاسيسه، وكل الأشياء التي يرى هو أنها مهمة في حياته، لكنه لا يستطيع احترام اختلافات الآخرين معه، ويمر إلى السرعة القصوى في استعمال ساقط الكلام معهم فور أول سوء تفاهم لكي يحل الإشكال. 

حكاية احترام الاختيارات هاته حكاية كبيرة جدا، تبدأ من الموضوع الصغير الذي تستحيل مشاهدة أهميته للعموم، وتمر حتى أكبر المواضيع. 

اسمها: ضيق الأفق، أو عدم القبول بالآخر، أو الفكر الأحادي، أو بمنطق ومنطوق المغاربة القديم والعميق الاقتناع التام بأنك «بوحدك مضوي البلاد». 

هي سيئة جدا، ولا حل لها إلا الدعاء بالشفاء منها في كل المجالات، مع الكثير من القراءة والدراسة، وطبعا الغيض اللاينتهي من التربية الحسنة التي تمنعك من شتم الآخرين، فقط لأنهم لا يفكرون مثلك...

اختلاف آخر! 

ذهب شباب مغاربة، في غفلة منا جميعا، إلى إسرائيل في زيارة صداقة واكتشاف. 

البعض العاقل منا سيقول «شغلهم هداك»، لأننا لا يمكن أن نمضي اليوم بطوله في مراقبة أسفار وجولات أربعين مليون مغربي ومغربية، منهم من يذهب إلى ميانمار، ومنهم من يذهب إلى آلاسكا، ومنهم من لا يذهب إلى أي مكان، وكل واحد من بينهم ومن بينهن يختار الوجهة التي تعني له أمرا ما يهمه هو شخصيا ولا يهم الآخرين. 

بعض آخر، لن نصفه بغير العاقل، لكن سنختار له وصف المتدخل أكثر من اللازم في شؤون الآخرين، أو غير المكتفي بشؤون نفسه، وما أكثرها، نصب لهؤلاء الشباب المشانق ووصفهم بالعملاء، مباشرة ودون تفكير في سرعة ولا في رادار مراقبتها، وبعضهم كتب المقالات في مرصده العجيب يطالب بمحاكمتهم، إلى آخر تصرفات غير عادية أصبحت تبدو لنا كالعادية لفرط تكرارها. 

ما هكذا تورد الإبل وبقية البهائم الراغبة في الشرب يا قوم. 

احترموا حرية هؤلاء الشباب في السفر إلى حيث يرغبون، لكي يحترموا هم رغبتكم في تأييد هذا الفصيل الفلسطيني أو ذاك، أو هذا الراعي الإيراني له أو الآخر.

عوض أن تسبوا الناس دائما، فقط لأنهم قاموا بشيء أنتم ترفضونه، ماذا لو جربتم، مرة واحدة في عمركم القصير مهما طال، أن تحترموا حريتهم، وأن تهتموا بشؤونكم، وأن تصمتوا؟؟؟

ماذا لو؟؟؟