على غرار الشواطئ التي تعرف توافدا كبيرا خلال فصل الصيف، استعدت شواطئ البيضاء وضواحيها لاستقبال المصطافين الباحثين عن هبات نسيم تنعش الأجساد الملتهبة جراء لفحات الحر والقيظ.. في الروبورتاج التالي رصد للاستعدادات والجواء التي تعرفها الشواطئ في "زمن الحر"...

ابتدأت أيام فصل الصيف بدرجات حرارة أقل، ومع مرورها غدت الحرارة في ازدياد، ولأن فصل الصيف يعني الإقبال الكثيف على الشواطئ شهدت هذه الأخيرة موجات من المصطافين الذين ارتفعت أعدادهم خلال الأسبوع الثاني من شهر يوليوز الجاري.

عين الذئاب.. الشاطئ المفضل للبيضاويين

اكتسى شاطئ عين الذئاب، الخاضع لنفوذ عمالة مقاطعات أنفا بالدارالبيضاء، على عادته كل صيف، حلة جديدة جعلته في أبهى صوره ليكون أحد أكثر الشواطئ استقطابا للمصطافين على صعيد جهة الدارالبيضاء.

ويعد شاطئ عين الدئاب واحدا من أهم شواطئ كورنيش عين الدئاب وأكثرها شعبية ذلك ان امتداد الشاطئ يضم ما يسميه المرتادون "البلايا" وحتى شاطئ سيدي عبد الرحمان الصخري، وصولا إلى ما يعرف بـ "واد العبد" وشاطئ "مدام شوال"، حيث يعد هذا الشاطئ وجهة للزوار والسياح خلال مختلف فصول السنة، يفضله سكان المدينة وضواحيها وحتى زوارها الباحثين عن قضاء وقت للاستجمام والراحة، كما يعتبر هذا الشاطئ فضاء مثاليا لمزاولة مختلف الرياضات، بما فيها المشي، الجري، وحتى لعب كرة القدم.

ويتيح هذا الشاطئ الممتد على كلمترات، كذلك، فرصة للراغبين في الاختلاء بالنفس، والاستمتاع بالسكينة أمام منظر الأمواج المتلاطمة خاصة بتزامن مع فترة الغروب. لذلك لا غرابة أن يكون شاطئ عين الذئاب أكثر الشواطئ جاذبية على مدار السنة، وهي الجاذبية التي ترتفع خلال شهري يوليوز وغشت خلال موسم الصيف.

يتميز هذا الشاطئ بكونه وجهة مفضّلة للاستجمام، ويُعَدُّ أيضًا موقعًا مثاليًّا لممارسة مجموعة متنوعة من الأنشطة الرياضية وبالتالي، يُعَدُّ هذا المكان المثالي لقضاء يوم لا يُنسى رفقة العائلة والأصدقاء، والاستمتاع بتنوّع الأنشطة سواء كانت جماعية أو فردية. ولأن الكثير من وسائل النقل العمومي تصل إلى عين الذئاب أو تمر عبره، لذلك ترتفع أعداد المصطافين التي غالبا ما تقدر بعشرات الآلاف كل يوم، ما يجعل فضاءاته تضيق بمرتاديها.. فسواء على متن قاطرات "الترامواي" التي توجد نهايتها عند أشهر نقطة بهذا الشاطئ، مرورا بخطوط حافلات النقل الحضري أو سيارات الأجرة بصنفيها، تكون  الرحلات متواصلة إلى هذا الشاطئ الذي يعتبر وجهة مفضلة لأغلب البيضاويين.

وفي هذا السياق يقول "عبد الصمد"، وهو أحد المرتادين الأوفياء لهذا الشاطئ، حيث لا يكاد يمر أسبوع دون أن يقوم بجولة فيه، إنه مع "إشراقة الشمس في كل عطلة نهاية للأسبوع يشد الرحال من حي درب السلطان إلى عين الذئاب"، مشيرا إلى أنه "المكان الذي يشعر فيه بالنشاط والحيوية".

واد امرزك.. شاطئ مهمل

رغم المنع المتوالي للاستحمام بشاطئ "واد امرزك" الخاضع لنفوذ جماعة دار بوعزة باقليم النواصر، إلا أن الكثير من المصطافين لازالوا يفضلون ارتياد هذا الشاطئ، رغم ما يحيط بمغامرة السباحة في مياهه من مخاطر.

فقبل سنوات ما فتئت تقارير الجهات المعنية بمراقبة جودة مياه الشواطئ مع كل موسم صيف، تشير إلى أن مياه "واد امرزك" غير صالحة للاستحمام، وهو ما دفع جماعة دار بوعزة إلى إشهار لوحات تشير إلى أن (السباحة ممنوعة). ورغم ذلك يستقطب هذا الشاطئ أعدادا كبيرة من المصطافين.

وفي هذا السياق صرح مصطفى الذي صادفته (الأحداث المغربية) خلال زيارتها لهذا الشاطئ، رفقة أطفاله، أن "ما يجعله يختار شاطئ واد امرزك هو قربه من مقر سكناه، التي لا تبعد عن هذا الشاطئ إلا بكلمترات معدودة، تجنبه الابتعاد والاضطرار إلى اللجوء إلى خدمات وسيلة نقل من أجل بلوغ البحر".

 وعند استفساره عما إذا كان يعلم أن مياه هذا الشاطئ غير صالحة للسباحة بفعل التلوث، قال إنه "يحاول الابتعاد عن المصب الذي يلفظ المياه العادمة ببعض المسافة الممكنة"، "لكي يقي نفسه وأبناءه تأثير التلوث"، في ظل عجزه عن الابتعاد أكثر صوب شواطئ نظيفة أخرى.

طماريس.. اصطياف متنوع

ساهمت الإصلاحات التي قامت بها جماعة دار بوعزة خلال موسم الصيف الماضي (2023) في بعث نفس جديد في شاطئ (طمارس 2) الذي يشتهر بكونه أحد أكثر شواطئ دار بوعزة استقطابا للمصطافين. فقبل هذا الموسم وجراء هدم غرف التخييم المشيدة بالإسمنت التي كانت قد تداعت جراء الإهمال، انقرضت معها أغلب التجهيزات الضرورية لاستقبال المصطافين، حيث بات هذا الشاطئ الممتد على مسافة كلمترات يفتقد لمرافق صحية يأوي إليها من اضطرتهم الحاجة.

ومع مبادرة الإصلاح التي باشرتها الجماعة، قال رئيس المجلس الجماعي "هشام غفير" في تصريح لـ "الأحداث المغربية" إن "إقبال المصطافين جعل الجماعة تبرمج عملية الإصلاح التي انطلقت بوضع مرافق صحية ذات بناء خشبي، موضوعة رهن إشارة  الجميع بالمجان، كما تم وضع بعض وسائل الترفيه المتمثلة في ألعاب للأطفال ومكتبة ومقرات مؤقتة لعناصر الدرك الملكي والقوات المساعدة، وحتى عناصر الوقاية المدنية"، التي ذكر المتحدث ذاته أن "دورها يبقى رئيسيا من أجل السهر على راحة المصطافين وأمنهم".

 

"البلاج بريفي".. نقطة ضوء

يطلق على الفضاءات التجارية من (مقاه، مطاعم...) الواقعة عند المدخل الرئيسي لشاطئ (طمارس 2) "بلاج بريفي" أو "الشاطئ الخاص"، تمييزا لها عن باقي الأجزاء الأخرى من الشاطئ.

 ورغم أن هذه الفضاءات مهددة بالهدم بعد أن تلقت إنذارا عامليا قبل أشهر يدعوها إلى الإخلاء باعتبارها مشاريع تقع على الملك البحري، أو جراء انتهاء العقدة التي تربط عددا من مستغليها مع الجهة المالكة للبقع المشيدة فوقها... تبقى هذه الفضاءات "نقطة الضوء" التي تستقطب الراغبين في قضاء لحظات استجمام لا تخلو من "بذل مالي".

تبقى فضاءات "البلاج بريفي" الواجهة التي تهيئ لمرتاديها طاولات على الرمال، وكذلك أسرة (رولاكس) في إطار الخدمة المودى عنها التي تجعل مصطافي هذه الفضاءات يتميزون عن مرتادي باقي فضاءات شاطئ طماريس، الذي يشتهر بكونه أحد الشواطئ التي عرف ارتيادا مبكرا للمصطافين والمخيمين.

 فقبل عقود وإبان فترة الحماية – يقول أحد سكان المنطقة – كانت "أعداد المصطافين الأوربيين بطمارس تفوق أعداد المغاربة"، "ذلك أن هذا الشاطئ كانت تحيط به في المجمل أراض تستغل في الغالب كإقطاعيات فلاحية، تزرع فيها مختلف أنواع الخضر"، ولن عادة التخييم واللجوء إلى الشاطئ كانت دخيلة على عينات كثيرة من المغاربة لم يكن الشاطئ يستهوي أغلبهم، ممن يفضلون المواسم.

لذلك شكل طماريس وجهة للأجانب، الذين كانوا في معظمهم من الفرنسيين وحتى بعض الإسبان، بعد أن شيدوا بها شاليهات ومساكن صيفية، بل إن بعضهم اتخذ من هذه المحلات سكنا قارا. ووسط هذا التجمع تم تشييد كنيسة للعبادة، طالها الإهمال قبل عقود، لتتحول إلى مسجد تؤدى فيه الصلوات الخمس للمسلمين، بعد أن المساكن المجاورة إلى دور قارة للمغاربة، وتشييد العشرات من المباني التي التهمت أجزاء كبيرة من الأراضي الفلاحية، لتغدو تجمعات عشوائية تفتقد إلى التجهيزات الأساسية.

برنامج صيفي

لأن في الصيف يحلو السمر لمن يبحثون عن قضاء أوقات ممتعة يحاولون خلالها الاستمتاع بأيام العطلة وتجاوز تعب شهور العمل، فقد أعلنت جماعة الدار البيضاء عن وضع خطة عمل وصفتها ب"المتكاملة" لضمان موسم صيفي نشيط ونظيف.

 وترتكز الخطة على "تنشيط الساحات الكبرى للمدينة وضمان نظافتها، توفير المرافق والتجهيزات اللازمة على طول شواطئ المدينة تلبية لاحتياجات جميع الفئات والأعمار، بالإضافة إلى وضع برنامج متنوع للتنشيط الفني والرياضي والترفيهي".

تجهيزات الشواطئ

ولأن موسم الصيف يعني بالضرورة الإقبال الكثيف على الشواطئ، فقد أعلنت جماعة الدارالبيضاء أنه "سيتم ابتداء من فاتح يوليوز وطول فترة العطلة الصيفية، تجهيز شواطئ لالة مريم وعين الذئاب بمرافق ترفيهية ورياضية متنوعة، تحمل هوية بصرية موحدة تراعي الجاذبية السياحية للمدينة وتضاهي المدن العالمية".

 وتشمل هذه التجهيزات، في الوقت نفسه، "تجهيز فضاءات للرياضات الشاطئية ومنصات لإقامة سهرات مجانية، ومساحات للمسابقات المفتوحة، وتوفير فضاءات متنوعة للأطفال".

كما أعلنت الجماعة عن "تجهيز الشواطئ المذكورة بمظلات وكراسي وطاولات متاحة للإيجار بنسبة 20% من المساحة الرملية المتاحة، بالنسبة للمواطنين الراغبين في ذلك، تبعا  للقوانين الوطنية المتعلقة بتدبير الشواطئ".

وأكدت  جماعة الدار البيضاء أن 80% من المساحة الرملية تبقى مخصصة للاصطياف الحر، دون أي رسوم، داعية المصطافين للجوء إلى السلطات والمعنيين بإنفاذ القانون المتواجدين بعين المكان في حال مطالبتهم بأي رسوم أو في حال إلزامهم باستعمال الأدوات والتجهيزات المعدة للإيجار.

 

ترفيه ثقافي وفني

وبشراكة مع كافة المتدخلين بمدينة الدار البيضاء، ذكرت جماعة الدارالبيضاء أنها عملت على "إعداد برنامج تنشيط فني وثقافي، انطلق ابتداء مع بداية أيام فصل الصيف، ذلك أنه بمجرد انقضاء عطلة عيد الأضحى وتسجيل بعض الارتفاع في درجات الحرارة كانت الجموع تعرف وجهة محددة تنطلق بحثا عن الانتعاش في الشواطئ.

ومن مظاهر عيش أجواء العيد في الشواطئ، تلك المشاهد التي كانت خلالها أسر بأكملها تلتف حول مائدة شواء، لا صوت يعلو فيها على أذخنة شي لحم خرفان العيد، التي تشكل وجبات رئيسية للمصطافين خلال هذه الفترة.

ولا يقتصر برنامج السهرات الصيفية التي تبرمجها جماعة الدارالبيضاء على رمال الشواطئ، بل إنه يشمل سهرات وفقرات فنية بالممر المحاذي لمسجد الحسن الثاني، والساحات العمومية مثل ساحة محمد الخامس، ساحة الراشيدي، ساحة الأمم المتحدة، وحديقة جامعة الدول العربية، ساحة فيلودروم، ساحة بشار الخير، وساحة المسجد العتيق بعين الشق، وساحة أنوال وحديقة الوحدة العربية بابن مسيك، وساحة كراج علال، وحديقة جنان اللوز، بالإضافة لمختلف الأنشطة الترفيهية التي تنظمها المصالح المحلية للمقاطعات الستة عشر..

تعبئة من أجل مدينة نظيفة

في إطار حرص جماعة الدار البيضاء على نظافة الساحات العمومية، والمنتزهات، والشواطئ قالت الجماعة إنه "تم وضع برنامج للنظافة يشمل عدة إجراءات معززة لضمان نظافة المدينة في سياق الموسم الصيفي الذي يعرف تدفقا للزوار من خارج المدينة، ويتميز كذلك بحركية مكثفة للساكنة خلال النهار بالشواطئ وليلا بالساحات العمومية والمنتزهات".

وفي هذا السياق ذكرت الجماعة أنه "تم الرفع من العدد الإجمالي لعمال النظافة المعبئين بمجموع تراب الجماعة إلى حوالي 6 آلاف عامل، كما تم تخصيص مائة عامل لتنظيف شواطئ عين الذئاب مع تعزيز حاويات الأزبال بـ 100 إضافية، بالإضافة لآليات لجمع الأزبال والتنظيف وأخرى خاصة بجمع الأزبال من على القطع الرملية".