يجمع عدد من الخبراء على أن ما تشهده الأقاليم الجنوبية من تطورات، يعتبر استراتيجية دبلوماسية وتنموية جديدة ينهجها المغرب لتعزيز سيادته على صحرائه، واكتساب دعم إقليمي ودولي يقوي طرحه للحكم الذاتي، ويشجع دولا أخرى على افتتاح قنصليات لها بالأقاليم الجنوبية على غرار الدول التي سارعت إلى فتح تمثيليات دبلوماسية لها بمدينتي العيون والداخلة، حيث إن المزيد من الدول، خاصة العربية، تفتتح قنصليات لها بهذا الجزء العزيز على قلوب المغاربة شعبا وملكا، وتجاوز مرحلة الجمود التي كان يمّر بها ملف الصحراء.

وعلى نحو لافت، بدا أّن الدبلوماسية المغربية، وعلى رأسها الدبلوماسية الملكية، تشتغل على قضية الصحراء، وتأكد الأمر على أرض الواقع من خلال تعامل المغرب مع خصوم الوحدة الترابية، بفضل الاستراتيجية القائمة على حّث الدول على الاعتراف بالسيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية للمملكة والعمل على فتح قنصليات بها.

وبقدر ما يعكس توالي فتح تمثيليات دبلوماسية بالصحراء تطورًا واعترافا دوليا متزايدا بمشروعية مبادرة الحكم الذاتي، تحضر مؤشرات عدة لدى الدبلوماسية المغربية تفيد أن مسلسل تجسيد الاعتراف بمغربية الصحراء عن طريق إقامة قنصليات سيتواصل خلال السنة القادمة، كما أن مفاجآت أخرى قد تكون في الطريق.

وفي واقع جديد يكرس عزلة جبهة البوليساريو الإنفصالية، تواصل مسلسل سحب الاعترافات بالكيان الوهمي، حيث أعلنت دول جديدة سحب اعترافها بالكيان المزعوم، ليصل بذلك عدد الدول التي لا تعترف بالجمهورية الوهمية إلى 164 دولة.

فقد حققت المملكة في المرحلة الأخيرة انتصارات دبلوماسية هامة في ملف الوحدة الترابية، تمثلت - على الخصوص - في افتتاح 20 قنصلية عامة لدول من القارة الإفريقية والآسيوية والأمريكية، والتي كان آخرها افتتاح جمهورية مالاوي لقنصلية لها بمدينة العيون.

وفي هذا الصدد، أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج "ناصر بوريطة"، أن افتتاح العديد من البلدان الافريقية لتمثيليات دبلوماسية لها في الأقاليم الجنوبية للمملكة "يعد ثمرة للرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس".

وأوضح بوريطة، خلال ندوة صحفية مشتركة مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المالاوي، على هامش حفل افتتاح القنصلية العامة لهذا البلد الافريقي بالعيون، أن هذه الاستراتيجية الافريقية التي "تمت دراستها بعناية" تقوم على انفتاح المملكة على جميع جهات القارة. فضلا عن الإرادة في "جعل الأقاليم الجنوبية همزة وصل بين المغرب وعمقه الإفريقي"