عبر المحامون عن رفضهم مشروع القانون المتعلق بالمسطرة المدنية في صيغته الحالية ويهددون بالاحتجاج ضد التصويت على مقتضياته خلال عرضه للتصويت في جلسة تشريعية، الثلاثاء 23 يوليوز 2024، بمجلس النواب وإحالته بعد ذلك على مجلس المستشارين.

وأثارت مجموعة من التعديلات الواردة في مشروع القانون المتعلق بالمسطرة المدنية غضب المحامين، الذين طالبوا بإعادة النظر في مقتضياته.وصادقت لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، بالأغلبية، ليلة الجمعة-السبت، على مشروع قانون المسطرة المدنية.

ويرمي هذا المشروع إلى "معالجة مظاهر الخلل التي كشفت عنها الممارسة القضائية، والهدر المسطري بسبب تعقيد الإجراءات، والبطء في المساطر وتنفيذ الأحكام"، إلى جانب "اعتماد حلول تشريعية تراعي خصوصية الواقع المغربي، عن طريق صياغة قانونية تسهل فهم محتوى النصوص ومقاصد الشريعة"، كما جاء في مذكرته التقديمية.

وأكدت جمعية هيئات المحامين بالمغرب أن مشروع القانون رقم 02.23 يتضمن "تراجعات" تمس بحقوق المتقاضين وبالمكتسبات الدستورية والحقوقية وبالأمن القانوني والقضائي للبلاد، متسائلة عن سبب إصرار الحكومة على تمرير مقتضيات المشروع رغم هذه الانتقادات.

وأوضح رئيس الجمعية النقيب الحسين الزياني، أن مشروع قانون المسطرة المدنية الحالي تضمن تراجعات على مستوى المساواة ودرجة التقاضي والعديد من المقتضيات الدستورية على غرار الفصل 6 من الدستور الذي ينص على أن "القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة. والجميع، أشخاصا ذاتيين أو اعتباريين، بما فيهم السلطات العمومية، متساوون أمامه، وملزمون بالامتثال له".

ووفقا لرئيس جمعية هيئات المحاميين بالمغرب، في ما نصت عليه المادة 383 من مشروع القانون، الذي أحالته الحكومة على مكتب مجلس النواب الخميس 9 نونبر 2023، والتي تفيد بـ"وقف التنفيذ عندما يتعلق الأمر بالطعن بالنقض بالنسبة للإدارة العمومية أو الشخص الاعتباري، ولكن بالنسبة للمواطن العادي لا يتم وقف التنفيذ"، معتبرا هذا النص يخل بمبدأ المساواة بين المواطنين.

وتابع أن الجمعية اقترحت، في المقابل، إمكانية "إيداع المواطن المبلغ المحكوم عليه به في صندوق المحكمة ضمانا لحقوقه وأن يطعن بالنقض ويوقف التنفيذ". وحسب ما جاء في مشروع القانون، تنص المادة 383 منه على أنه لا يوقف الطعن بالنقض التنفيذ إلا في الأحوال الشخصية، والزور، والتحفيظ العقاري، وتذييل المقررات الصادرة عن المحاكم الأجنبية بالصيغة التنفيذية.

كما يوقف في حالة المقررات الصادرة في القضايا الإدارية ضد الدولة والجماعات الترابية ومجموعاتها وهيئاتها وباقي أشخاص القانون العام، والمقررات الصادرة عن المحاكم في مواجهة شركات الدولة، والمقررات الصادرة في الدعاوى المتعلقة بالأوقاف العامة.

كما أثارت إشكالية "تسقيف قضايا الاستئناف" نقاشا كبير وسط أصحاب البذلة السوداء، بحيث "أصبح قرار الاستئناف نهائي ولا يمكن تقديم الطعن بالنقض في قرارات استئنافية مهما كانت"، مستغربا، في السياق ذاته، عدم إمكانية مراجعة الحكم لكون الأسباب محصورة ومحددة.

ودعت الجمعية، في بلاغ لها، الحكومة إلى "التراجع عن المقتضيات غير الدستورية الماسة بالمواطن وحقه في الدفاع، وآثارها السلبية على الاقتصاد ومناخ الاستثمار"، مؤكدة عزمها "اتخاذ كل الخطوات المناسبة في هذه الظرفية الدقيقة تصديا لهذه التراجعات". كما دعت كافة المحاميات والمحامين إلى الالتفاف حول مؤسساتهم المهنية والانخراط في كل المبادرات التي سيعلن عنها.