يجمع الباحثون والمحللون السياسيون على أن اهتمام المغرب بإفريقيا يتميز بالواقعية، باعتبار هذا المعطى حقيقة جغرافية ثابتة غير قابلة للنقاش، دفعت المغرب مبكرا إلى الانخراط في هذا المحيط عبر الشراكة والتعاون مع الدول الإفريقية من أجل التنمية.

وفي إطار هذا التوجه أصبح البعد الإفريقي يشكل أحد التوجهات المركزية في سياسة المغرب الخارجية. وفي هذا السياق جاءت المبادرة الملكية الأطلسية، التي أعلن عنها الملك محمد السادس السنة الماضية، في خطاب الذكرى الـ 48 للمسيرة الخضراء.

ويرى الدكتور "رشيد لزرق" أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية، أن المبادرة الملكية الأطلسية، تمثل "آفاقا واعدة للاندماج ونموذجا للتعاون جنوب/جنوب"، كما أن هذه المبادرة - يقول رئيس مركز شمال إفريقيا للدرسات والأبحاث وتقييم السياسات العمومية - في تصريح لـ (الأحداث المغربية)، "تعكس رؤية استراتيجية لمستقبل منطقة الساحل والصحراء وعلاقاتها بمحيطها". وهذا ما يفسر- يضيف لزرق - "الترحيب الكبير الذي لقيته من قبل دول المنطقة، وذلك لأهميتها وملاءمتها مع احتياجاتها، مما يبشر بآفاق واعدة للتعاون والتنمية المشتركة".

ولم يتوقف حديث أستاذ العلوم السياسية بجامعة ابن طفيل، عن المبادرة الملكية الأطلسية، عند هذا الحد، فقد اعتبرها "مشروعا استراتيجيا بأبعاد متعددة سيتم من خلاله تنزيلً المقاربة الملكية تجاه العمق الإفريقي من خلال تحقيق التنمية والتعاون الإقليمي".

وأضاف "د. لزرق" في تصريحه أن المبادرة الأطلسية، التي أطلقها الملك محمد السادس، تفتح "آفاقا واعدة على صعيد الاندماج الاقتصادي والاستقرار السياسي والسلم والتنمية أمام البلدان الإفريقية وشركائها"، حيث توقف عند البعد الاستراتيجي للمنطقة الأطلسية بإفريقيا، موضحا أن جلالة الملك أراد، من خلال هذه المبادرة، إشراك البلدان غير الساحلية من خلال وضع البنية التحتية للطرق والسكك الحديدية والموانئ المغربية رهن إشارتهم.

وأردف "لزرق" أن المغرب، من خلال هذه المبادرة، "يفتح الطريق أمام اندماج أفضل لبلدان الساحل، في منطقة المحيط الأطلسي، وبالتالي ضمان الرخاء المشترك"، مؤكدا على الدور الرائد الذي يلعبه المغرب داخل القارة الإفريقية والتزامه النشط والدائم بتعزيز تعاون تضامني جنوب/جنوب"، في عالم تتطلب فيه التحديات العالمية والإقليمية استجابات مبتكرة وشاملة، حسب تعبير الدكتور لزرق.

وأشار أستاذ العلوم السياسية بجامعة ابن طفيل إلى الخطاب الملكي لذكرى المسيرة الخضراء، الذي اعتبر فيه الملك المحيط الأطلسي"نافذة انفتاح المغرب على الفضاء الأمريكي"، معربا عن الأمل في أن يصبح الساحل الأطلسي "فضاء للتواصل الإنساني، والتكامل الاقتصادي، والإشعاع القاري والدولي"، إلى أن المبادرة الأطلسية توفر أيضا إمكانية زيادة التعاون مع دول أمريكا اللاتينية.

ووصف لزرق المبادرة الملكية بـ "الطموحة"، بالمقاربة مع التحديات التي تعيشها القارة الافريقية والتي تحتاج إلى مبادرات من هذا النوع، حيث رجح أستاذ العلوم السياسية بجامعة طفيل أن تحول المبادرة الملكية الأطلسية المحيط الأطلسي إلى جسر لتكثيف التجارة والاستثمار والتعاون بين الدول، وتحفيز الإقتصادات المحلية، وخلق فرص الشغل وفتح أسواق جديدة وتعزيز النمو المستدام والشامل".

ومن هذا المنطلق، خلص المتحدث ذاته إلى أن المبادرة الملكية الأطلسية "تتوفر على حظوظ كبيرة للنجاح"، ويتمثل ذلك من خلال "الدعم الدولي المتزايد له والانخراط الفعال للدول المعنية بها من تنزيلها في أقرب وقت ممكن".