من الإشكاليات العميقة التي خلقتها فوضى التعبير عبر شبكات التواصل الاجتماعي (والتي لا علاقة لها بحرية الرأي والتعبير)، تتمثل في بثها لسموم الأخبار الزائفة والمضللة، التي تستهدف مؤسسات الدولة وصورتها في المجتمع.

سبق لي قبل سنتين، أن نبهت إلى أن هناك العديد من الأجندات الخفية غير البريئة، التي تحرك عدة حسابات على مختلف المنصات الرقمية، ليس لأنها تستهدف مؤسسات الدولة وتسعى لتضليل المواطنين، ولكنها لأنها تروم على المستوى المتوسط والبعيد خلق بلبلة وسط المجتمع وزعزعة ثقته في مؤسسات الدولة، لماذا؟

لأن ما يقض مضاجع هؤلاء ومن يقف وراءهم، هو هذا التلاحم بين جميع المغاربة في مواجهة الحملات التي تستهدف وطنهم مهما بلغ حجم الاختلاف بينهم (وهو رحمة)، حول تقييم الأوضاع في بلادهم في مختلف المجالات.

إن هدف هؤلاء المرتزقة كان دائما هو رسم صورة خيالية غير موجودة في الواقع عن الوضع في المغرب، صورة تتلخص فيما يلي: لا وجود لإعلام في المغرب، لا وجود لمؤسسات منتخبة، لا وجود لدولة المؤسسات من الأصل...ويتناسون أن النموذج المغربي هو الأفضل في محيطه الإقليمي لا على مستوى استقرار المؤسسات ولا مؤشرات الديمقراطية ولا الاستقرار الذي ننعم به، وهو ما يشهد لنا به الخصم قبل الصديق.

طبعا، مازالت الطريق أمامنا شاقة وصعبة ومليئة بالمنعرجات وحتى جيوب المقاومة التي لا ترغب في التغيير، ويلزمنا الكثير من أجل أن نصل إلى ما نصبو إليه في مؤشرات الديمقراطية وحقوق الإنسان والتنمية وتحقيق العدالة الاجتماعية.

انطلاقا من هذه المنطلقات يمكن أن نفهم ونستوعب حقيقة الحملات التي تستهدف "النموذج المغربي"، عبر اختلاق أخبار زائفة ومضللة، فتارة يستهدفون المؤسسة الملكية بأخبار غير حقيقية، وتارة المؤسسات الأمنية، وتارة آخرى بالحديث عن "الدولة العميقة" المتحكمة في كل شيء (وهو مفهوم بعيد كل البعد عن السياق السوسيو-سياسي المغربي) وصولا إلى الترويج لصراع مفترض بين مؤسسات الدولة.. والحال أن هذا الوطن قوي بمؤسساته تحت شعار خالد وهو "الله الوطن الملك" وقوي بتلاحم العرش والشعب.. نحن لسنا جمهورية موز يا هذا!

وكما حققنا الكثير خلال 25 سنة من حكم صاحب الجلالة الملك محمد السادس، سوف نصنع الكثير من المعجزات في المستقبل بفضل الاستقرار المؤسساتي الذي ننعم به وبفضل سواعد وكفاءات أبناء المغاربة في كل المجالات، {وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} صدق الله العظيم.