عبّر نادي المحامين بالمغرب عن «أسفه الشديد إزاء المقاربة الأحادية الجانب لوزارة العدل بخصوص التشريع في قانون المسطرة المدنية الذي يثير العديد من التساؤلات والمخاوف بشأن تأثيره على العدالة والمجتمع»، مؤكدا أن وزير العدل يتعمد افتعال صدام مجاني بين «أصحاب البذلة السوداء» والدولة.

وأكد نادي المحامين بالمغرب، في بلاغ له، أن وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، يحاول «خلق صدام مجاني وغير مبرر بين الدولة والمحامين» من خلال مشروع المسطرة المدنية، منبها إلى أن «هذا التصادم يعتمد بشكل كبير على استفزاز المحامين وتبخيس مجهوداتهم وتعمد الإساءة لهم من خلال تصريحاته»، مشيرا إلى أن وزير العدل «يود جر المحامين إلى صراع سياسي مع الدولة، والحال أن الأمر لا يتجاوز مطالب بتعديلات تشريعية».

وذكر البلاغ أن هدف المحامين «لم يكن يوما إخضاع الدولة أو الصراع معها كما يتم الترويج له، بل إنهم أول من يتشبث بثوابت الدولة المغربية ويساهم في كل الأوراش الكبرى التي أرسى دعائمها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده منذ ما يربو عن ربع قرن».

وأكد بلاغ نادي المحامين أن مشروع قانون المسطرة المدنية «يشرعن ولوج السماسرة للمحاكم» الأمر الذي اعتبره «تهديدًا حقيقيًا للأمن القضائي»، وأن «هذا المشروع يفتح الباب أمام أشخاص ليست لهم أي علاقة بالمجال القانوني للحضور في الجلسات بالمحاكم مما يمثل تهديدا لمجهودات الدولة في محاربة الفساد».

وأشار البلاغ إلى أن «مشروع قانون المسطرة المدنية خلق غطاء قانونيا لممارسة السمسرة بالمحاكم عبر ما يسمى بالوكالة مما يتناقض وورش تخليق القضاء والمحاماة ومنظومة العدالة، ذلك أنه سيتم فتح الباب أمام السماسرة والمتطفلين من أجل ولوج ردهات المحاكم»، معتبرا أن «المادة 76 من مشروع القانون نصت على أن تقديم الدعوى أمام محاكم الدرجة الأولى يتم بمقال مكتوب يودع بكتابة ضبط المحكمة، ويكون مؤرخا وموقعا من قِبل المدعي أو وكيله أو محاميه، حيث جاء مفهوم الوكيل مبهما مما يفتح الباب على مصراعيه لتدخل الأغيار في المساطر القضائية وتسهيل ممارسات الابتزاز التي يجب محاربتها».

بلاغ «نادي المحامين بالمغرب» نبه إلى أن «الحق في المحاكمة العادلة وفي حكم يصدر في أجل معقول يستدعي إجراءات مواكبة من أجل توفير الخدمات القضائية وتجهيز البنية التحتية والموارد البشرية، وليس معالجة هاته المشاكل عن طريق تقويض حق التقاضي وتغريم المتقاضين».

وذكر البلاغ أن مشروع قانون المسطرة المدنية يتضمن بنودًا «تمنع المواطنين من حقهم الأساسي في التقاضي، من خلال فرض غرامات على من يتقدم بدعاوى يعتبرها القانون مبنية على سوء النية»، مؤكدا أن هذه الإجراءات «تكرس الفوارق الاجتماعية، حيث إنها تخدم مصالح فئة معينة على حساب محدودي الدخل الذين سيجدون أنفسهم ممنوعين من التقاضي».

وأوضح البلاغ أن مشروع قانون المسطرة المدنية جاء بمقتضيات «تضرب الحق في الاستئناف والطعن بالنقض، حيث لا يحق للمواطن استئناف حكم في قضية ما إلا إذا تجاوزت قيمتها 30 ألف درهم، ولا يحق له الطعن بالنقض إلا إذا تجاوزت القيمة 80 ألف درهم»، مؤكدا أن في ذلك «استهانة بالمواطن الضعيف الذي قد تحدد هذه المبالغ مصير حياته بأكملها».

وكان مجلس النواب صادق، الثلاثاء الماضي، في جلسة عمومية، بالأغلبية، على مشروع القانون رقم 02.23 المتعلق بالمسطرة المدنية، في ظل تواصل الخلافات حول مضامينها، والانتقادات التي وجهتها لها فرق ومجموعة المعارضة لمضامين اعتبرتها متناقضة مع أحكام الدستور.