هناك مشكل حقيقي يعيشه من يسمون أنفسهم «الصحافيين الجدد»، في المغرب، أي بين أهل «تفراق اللغا» عبر الأنترنيت بمختلف منصات المشاهدة فيه. 

قوام هذا المشكل هو أن هؤلاء «الزملاء» الجدد يريدون فعلا أن يكونوا صحافيين، ولديهم رغبة جامحة في أن يأخذهم الكل على محمل الجد، ويحلمون ويأملون ويرجون الله سبحانه وتعالى، ليل نهار، أن تقبل بهم الحرفة وهي منهم براء، وأن يعترف بهم الصحافيون الحقيقيون، وذلك أمر مستحيل ودونه الموت، وأن يعتبرهم الرأي العام الوطني أيضا منتمين لمهنة المتاعب، وذلك وهم لا يمكن التخلص منه، طالما أن شعبنا يعتبر هؤلاء المتحدثين عبر اليوتوب وغيره مجرد أدوات تسلية، وطريقة لتزجية الوقت الفارغ الثقيل، ووسيلة من بين وسائل أخرى كثيرة لمحاربة الملل والتغلب عليه، في انتظار أيام وأوقات أفضل. 

عدم الاعتراف الوطني والدولي والإقليمي والمحلي بهاته الكائنات، يجعلها غير قادرة على تحديد جنسها الفعلي، ويجبرها على معاناة خاصة يوميا بسبب هاته «الجندرة» الملتبسة، إذ هي دائما في مرتبة بين المراتب كلها. 

فلا هي منتمية فعلا لميدان الصحافة، لأنها لا تمارس أي جنس من أجناس المهنة، ولا هي متوفرة على زاد معرفي ولغوي وعلمي وثقافي ومهني كبير، يجعل الإنصات إليها لحظة متعة وتعلم واستفادة، ولا هي تتوفر حتى على الوجه اللائق للظهور، أي «شرط الوجه التلفزيوني» الذي تطلبه كل قنوات التلفزة في العالمين المتقدم والمتخلف من أجل تقديم البرامج والظهور فيها.

هذا التيه يدفع هاته الكائنات إلى تطرف دائم في الفعل والقول، سواء مع بعضها البعض في نقاراتها التافهة والمخجلة، أو مع الآخرين حين تريد مناقشة أهل الميدان في ميدان بعيد عنها. 

الأخطر والأسوأ والأدهى والأمر ليس كل هذا. 

السيء فعلا والخطير حقا هو أن عقلاء من بيننا راهنوا ذات يوم على هاته الكائنات الحمقاء في هذا «البريكول»، أو ذاك، وتصوروا - عن حسن نية غالبا - أنها قد تكون قناة دافقة صالحة لإيصال هذه المعلومة أو ذلك «الميساج». 

اليوم، هم يتابعون فداحة الرزء وكبر الخسارة، ويقولون «ماذا فعلنا؟»، فيما نحن نرد عليهم بكل اطمئنان «فعلتم بالتحديد ما حذرناكم منه عديد المرات». 

اشربوا الآن، هنيئا مريئا، وبالصحة للجميع