ومع كثرة المحللين في القنوات التلفزيونية العربية، ومع ظاهرة "حلل يادويري" وغيرها التي انتقلت بأجواء الحرب إلى أجواء الملاعب، وعالم الألتراس، إلا أننا لانجد حتى الآن محللا واحدا "يرسينا على بر"، مثلما يقول المصريون، ويؤكد لنا بالدليل والملموس أننا انتصرنا على إسرائيل، أو أن إسرائيل هي التي انتصرت علينا، وانتهت من غزة، وباشرت عملية تصفية قادة "حزب الله"، الميليشيا الموالية لإيران في لبنان.

عندما نقول "نا"، نقصدنا نحن جميعا في هذا العالم العربي الممتد من الخليج الهادر إلى المحيط الثائر، والذي كان يسميه كبير القوم محمد الماغوط في زمن آخر "التابوت الممتد من الماء إلى الماء"، لأسباب وجيهة ولاشك رآها ذلك الكبير منذ ذلك الوقت.

نعم، نتحدث بنون الجماعة، وإن كان بعض الشياطين قد حاولوا إخراجنا من كل ملة وكل تجمع وكل دين، وخونونا ورفعوا في وجوهنا الشعارات الكاذبة المؤسفة، عندما اندلع كل هذا الذي يقع الآن، وحاولوا من باب المزايدات الكاذبة والجبانة تصوير أنفسهم وكأنهم وحدهم يهتمون بمآل شعبنا في فلسطين، قبل أن يتضح مع توالي الأيام أنهم يهتمون فقط بالمزايدات، وأن أفضل ماصنعوه لفلسطين المسكينة، هو أنهم توقفوا عن الحديث عنها، بعد أن سقطت أسهمها في بورصة "الأدسنس"، وانتقلوا بسرعة اليرق إلى المواضيع الأخرى التي يرونها مدرة كل يوم للدخل الكثير.

ماعلينا، هؤلاء غير مهمين وتافهون، ولايستحقون إلا هذا المرور العابر، أما مايقع الآن في لبنان بعد فلسطين فأمر جسيم فعلا.

اليوم هناك تدبير لمرحلة سياسية قادمة في الولايات المتحدة الأمريكية، بعد انتخابات نونبر القادم، يتم على أرض لبنان بعد أن تم جزؤه الأول في غزة.

لنقل إن الولايات المتأرجحة في تصويتها بين كامالا هاريس، والعائد بنسبة كبيرة دونالد ترامب، تحدد موقفها الآن انطلاقا مما يعرفه الأهل في لبنان وماعرفه الأهل في فلسطين.

نعم، الأمر مؤلم، لكنها الحقيقة التي يرفض الإعلام الحربي وإعلام الشعارات الغبية قولها: كل هذا الدم الذي يسيل، وكل هذا الدمار هو مجرد تسوية طريق من أجل تسويات سياسية.

نعم، شعوبنا تعيش بعاطفتها الموضوع، لكن السياسة منذ ابتدأت، وإلى أن تنتهي، يعني يوم انتهاء البشرية، لانعترف بالعواطف، بل تعرف المصالح، ومعادلة الواحد زائد الواحد الذي يساوي الإثنين.

لذلك نصر على مطالبة المحللين الكثر، وأيضا المحرمين، وهم أكثر، بأن يقولوا لنا عاما بعد السابع من أكتوبر، وقرنا تقريبا بعد بدء قضية فلسطين: من انتصر؟ ومن انهزم؟ ومن حقق المكاسب؟ ومن غنى الشعارات وذهب بعدها لكي ينام؟

أفتونا في أمرنا يرحمكم الله، فقد تهنا بسبب كل هذا الدمار الذي يقع، والذي تعتبرونه عاديا، ونعتبره نحن كاسرا للقلوب.