نشر ابراهيم اقراش، رفيق علي عراس السابق في سجن سلا 2، الذي كان يقضي عقوبة حبسية في ملف يتعلق بالإرهاب بين 23 نونبر 2012 و 18 ماي 2015، فيديو على صفحته في موقع يوتوب، يكشف فيها من خلال شهادة تاريخية، كواليس مساعدته لعلي عراس في توثيق شريطه المصور الشهير، الذي ادعى فيه التعرض للتعذيب من طرف السلطات المغربيةـ بعد استقباله من طرف المبعوث الأممي حول التعذيب، نظرا لإطلاع هذا الأخير على طبيعة الممارسات التي عاشها في جلسات للتعذيب في السجن الانفرادي.

خطة جهنمية

وتناول ابراهيم اقراش حيثيات وملابسات فبركة فيديو التعذيب في شريط مصور في أزيد من 18 دقيقة، بالتفاصيل كيف استطاع علي عراس خداعه، بالتزامن مع عرضه على مبعوث التحقيق الأممي في الفترة التي كان يحضر فيها لجلسات الاستماع من طرف وكيل الملك بمحكمة الاستئناف بالرباط، خلال نفس الفترة. وقال ابراهيم اقراش، أن علي عراس استغل الامتياز الحركي الذي كان يتمتع به (ابراهيم) وفق خطة جهنمية، استغل فيها تعاطفه وطيبته واستعداده لتقديم يد المساعدة، لكي يجعل منه شريكا في فيديو مفبرك يورط فيه السلطات المغربية بطريقة خطيرة وكاذبة.

وأضاف ابراهيم اقراش، أن علي عراس، الذي كان يعرض في تلك الفترة على وكيل الملك لدى استئنافية الرباط، كان قد اهتدى إلى خطة تظهره في مظهر السجين الضحية الذي يتعرض للتعذيب بشكل ممنهج، من خلال استعمال حبر الأقلام ومنشفة مبللة، لرسم آثار التعذيب على يده ورجله والمناطق التي يمكنه القيام بذلك فيها بنفسه. وتقتضي الطريقة أن يضع الحبر الجاف على منطقة ما في جسده ثم يمرر عليها المنشفة مبللة بالماء، ويترك التفاعل بين هذه المواد، ينتهي إلى آثار تشبه كثيرا التعرض للتعذيب أو الضرب.

علي عراس كان بحاجة إلى ابراهيم اقراش على مستويين في خطته الجهنمية، يضيف ابراهيم اقراش في شهادته. في مستوى أول كان يريد منه أن يساعده على رسم آثار التعذيب في المناطق التي لا يمكنه أن يصلها بيده كالظهر مثلا، وهو ما انقاد إليه اقراش بسهولة على حد تعبيره، لأنه كان متعاطفا مع عراس، ولأنه كما أخبره الأخير، سيشارك معه في هذه الخطة بشكل مؤقت، ينتهي بعد أن يعرض نفسه على وكيل الملك خلال الاستماع إليه. 

لكن المستوى الثاني للورطة هو الأخطر، يضيف ابراهيم اقراش، حيث تظاهر عراس باشتياقه لرؤية ابنته عبر تقنية التناظر المرئي في الهاتف المحمول، وطلب من ابراهيم أن يأتيه بالهاتف من خارج الزنزانة، مستغلا حرية التحرك التي كان يتمتع بها الأخير في السجن. وحين تساءل ابراهيم عن الكيفية التي يمكن بها الحصول على هاتف محمول داخل السجن، أسر له عراس بأن ما عليه سوى التردد على ‘‘أشرف السكاكي‘‘ الذي وعد عراس في لقاء سابق بتدبر أمر الهاتف المحمول. وهو ما امتثل له ابراهيم اقراش ظنا منه أنه يقوم بعمل إنساني لفائدة زميله وخارج أية مساءلة قانونية.

براعة في التمثيل 

عبر خطة مدروسة تستدعي إثارة التعاطف الكامل مع وضعه، شرع علي عراس عبر مراحل، في استمالة مشاعر ابراهيم اقراش، من خلال كثرة الحديث على مأساته العائلية، وعلاقته الرائعة بابنته الصغيرة، وعلاقة الأروع بوالده في مليلية الذي يتكفل بابنته الصغيرة، ثم شقيقته التي تدافع عنه في قضيته، وزوجها العراقي الذي يدير مكتبته الصغيرة في العاصمة البلجيكية بروكسيل. ‘‘طريقة تمثيل بارعة‘‘ يقول ابراهيم اقراش، جعلت كل من تعرف عليه داخل السجن يصدق روايته حتى في التعذيب. ما زاد من منسوب الثقة يقول ابراهيم، أن علي عراس كان يعرض على وكيل الملك، ولعدة مرات، وهو ما أنهى لديه كل شك في المقاصد الحقيقية لرفيقه في السجن.

ستظهر المفاجأة الكبرى بعد سنوات يقول ابراهيم حين سيكتشف أن علي عراس قام بتصوير نفسه في الفيديو الشهير، مدعيا تعرض للتعذيب، داخل زنزانته. الأكذوبة الأولى تجلت حسب شهادة ابراهيم اقراش، تجلت في مسرح الفيديو نفسه الذي ادعى علي عراس أنه مصور داخل السجن الانفرادي، وهو ما فنده ابراهيم، موضحا أن الأمر يتعلق بالزنزانة التي كان ينزل فيها، والتي كانت تعتبر من أحسن الزنازن بالمجمع باء بسجن سلا 2، حيث كان يستفيد من امتيازات لم يحظ بها نزلاء آخرون، ك‘‘ريشو‘‘ الذي كان يطبخ به، وتلفزيون بلاسما، وتهوية وإنارة شمسية دائمة على مدار اليوم. 

من زنزانة إلى ‘‘كاشو‘‘.. خطة الصابون

وكشف ابراهيم اقراش عن بعد آخر في خطة علي عراس الجهنمية، حيث كان قد طلب منه أن يجمع له قطعا من الصابون ويحضرها إليه. المعروف في السجون، أن عددا من السجناء المفرج عنهم بعد قضاء مدتهم الحبسية، يتخلون عن بعض الأشياء الخصوصية، منها مثلا الصابون ويتركونه لباقي السجناء أو يتخلصون منه أو يتركونه فقط ورائهم. ابراهيم اقراش اعتقد أن علي عراس يريد الصابون من أجل ابتكار طريقة ما لتزجية الوقت في اختلاق عمل صغير داخل الزنزانة كما هي عادة كل السجناء الذين يقضون مددا حبسية طويلة. غير أن المفاجأة التالية، يضيف ابراهيم، هي اكتشافه لاستخدام علي عراس للصابون على حيطان زنزانته، أثناء تصوير الفيديو المفبرك، لإضفاء صبغة ‘‘الكاشو‘‘ على زنزانته. ابراهيم قال أيضا أن علي عراس استعان بغطاء بلاستيكي لتغطية النافذة الكبيرة لزنزانته، أولا لتغطية هذا الامتياز وثانيا لإضفاء طابع الظلمة قبل تصوير الفيديو المعلوم.

وقال ابراهيم اقراش المفرج عنه في ماي 2015،  أنه تفاجأ عند مشاهدة فيديو التعذيب بعد خروجه من السجن بسنوات، لأنه كان حاضرا في جميع أطوار فبركته من طرف علي عراس، شاهدا بذلك على خطته الجهنمية. وأضاف ابراهيم أن وقع تحت صدمة حقيقية وهو يشاهد علي عراس في الفيديو مرتديا سروالا قصيرا، ويدعي المشي بصعوبة، وكاشفا على جسده بآثار ملفقة وكاذبة لتعذيب مزعوم. مبرزا أن خروجه بهذا الفيديو بأتي لإيضاح حقائق علي عراس، وكشف الطريقة التي خدعه بها وباقي المعتقلين معهم في تلك الفترة. 

وقال ابراهيم اقراش أن ينوى متابعة علي عراس لأنه بطريقة ما أشركه في هذا الفيديو الملفق الذي وصفه بالمؤامرة، كاشفا أن فعلا ساعد المعني بالأمر عبر تمكينه من هاتف محمول في يوليوز 2014 وليس سنة 2012 كما يدعي علي عراس.