على الرغم من أن القرار الصادر عن محكمة العدل الأوروبية، حول اتفاقية الصيد البحري والفلاحي مع المغرب، شأن أوروبي وليس المغرب طرفا فيه، إلا أن الأمر يطرح العديد من التساؤلات خصوصا  في ما يتعلق باستمرار نظرة أوروبا المتعالية لبلدان الجنوب.

من الصعب إيجاد تفسير بعيد عن هذه النظرة المتعالية الموروثة عن العهد الاستعماري، للقرار. لكن لننطلق من حسن النية ونعتبر ما ذهبت إليه المحكمة الأوروبية نابع عن جهل بقضية الصحراء المغربية، ولو أن هذا التبرير يصطدم بعدة معطيات حول الملف، سواء في ما يتعلق بالرأي الاستشاري لمحكمة لاهاي لسنة 1974 أو في ما يتعلق بمقررات مجلس الأمن حول الصحراء منذ حوالي عقدين من الزمن، على الأقل، أو بما يتعلق بالاعترافات الوازنة من عدة بلدان منها دول أوروبية كبرى، بمغربية الصحراء.

لا يمكن لأي جهة إنكار أن قرارات محكمة أوروبا سياسية بالدرجة الأولى وهذا الأمر وحده يسائل القرار وأصحابه ويسائل أوروبا.

ومهما يكن القرار الذي اتخذته محكمة العدل الأوروبية، فإن الحقيقة التي لا جدال فيها بالنسبة لنا كمغاربة، هي أن الصحراء مغربية بالقانون وبالتاريخ والجغرافيا. وقضية الصحراء المغربية، كما يعرف الجميع، قضية وجود بالنسبة للمغرب وللمغاربة وهذا الأمر هو المنطلق والمنتهى..

لقد عبرت عدة بلدان وعدة تنظيمات أوروبية عن تشبثها بعلاقة الشراكة المتميزة مع المغرب. جاء ذلك بعيد قرار المحكمة المذكور والذي سيجعل الأمر معقدا بخصوص هذه التعبيرات لأنها تتضمن أمرا آخر يتعلق بانضباطها لقرارات المحكمة. وهذا وحده يجعل ما يعتبر شراكة متميزة محل تساؤل كبير. فالأمر الذي يجب أن تعرفه بلدان أوروبا هو أن المغرب لن يقبل على الإطلاق أي تعاقد يمس بالوحدة الترابية للمملكة، مهما يكن هذا التعاقد ومهما تكن منافعه.

لقد عبر جلالة الملك في خطاب سابق، بشكل واضح على أن قضية الصحراء المغربية هي النظارات التي ينظر بها المغرب لكل علاقة. وهذا وحده كاف ليضع أوروبا في موقع خارج أي تعاقد يمس بهذه القناعة المقدسة عند المغاربة.

من جهة أخرى سيكون قرار المحكمة الأوروبية مناسبة لكي يعيد المغرب النظر في شكل الاتفاقيات التي يبرمها مع أوروبا، سواء من حيث المردودية المالية والتقنية أم من حيث الاحترام الصارم للموارد والاشتغال وفق معايير تحترم البيئة والطبيعية..

لقد كانت الاتفاقيات السابقة المبرمة مع الاتحاد الأوروبي تتسم بنوع من الاستغلال السياسي، مما يجعل أوروبا تلتهم خيرات المغرب، خصوصا في الجانب الفلاحي والصيد البحري، في حين يكون المقابل لا يساوي حجم ما تستفيد منه تلك الدول.

كما أن المغرب في حل من الاعتبارات التي كانت تكبله ومن حقه أن ينوع شراكاته دون أن ينتظر أحدا ولا جهة تصدر قرارات.

وبشكل إجمالي واضح، فالمنتوج منتوجنا ونستطيع تسويقه بشكل مربح، والوطن ووحدته الترابية فوق كل اعتبار وفوق كل شراكة...