لا أفهم سبب استهتار وكالات الأنباء العالمية، بالخبر/ القنبلة الذي ورد في أحد البرامج الحوارية التي تبث في الأنترنيت المغربي. 

الخبر/ القنبلة كشف أن إيران تتوفر على القنبلة النووية، وأن الإعلان عن هذا الأمر هو «مسألة وقت ليس إلا»، «حكاية ساعات فقط»، «أمر سيتم الإعلان عنه قريبا». 

خبر/ قنبلة مثل هذا من المفروض ومن المفترض، والفرق بينهما كبير، أن تسارع مختلف وسائل الإعلام المحلية إلى إعادة نشره ونسبته إلى المصدر الخطير الذي كشفه، وفيما بعد على وكالات الأنباء العالمية كلها مجتمعة، ودون تفريق، أن تنشره في قصاصاتها العاجلة، أو في «عواجلها»، مثلما يقول إخوتنا وزملاؤنا في تلفزيونات المشرق، وأن تعلق عليه الدولة المعنية، أي دولة الملالي، وأن تتبعها في التعليق الدول العظمى، بدءا من الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، وانتهاءا بالبقية الباقية من دول هذا المعمور الذي نحيا فيه. 

المثير للانتباه، وللغيظ أيضا، والحسرة وبقية المشاعر المؤلمة هو ألا أحد اكترث بهذا الخبر/ القنبلة، ولا أحد اهتم به أو أعارة لفتة تصديق واحدة. لماذا؟ 

لأن الجميع، بدءا بالدول العظمى في العالم وانتهاء بأبسط مواطن مغربي، يعرف أن جل ما يقال في هذه البرامج الحوارية في الأنترنيت المغربي، هو مجرد «تفراق اللغا»، لا أقل ولا أكثر، «حجابات مؤسفة»، ووصلات لا تنتهي من «التقلاز تحت الجلابة»، يرتكبها أشخاص عليهم أن يقسموا يوميا على المصحف الكريم أنهم صحافيون، ومع ذلك لا أحد يصدق هذا الادعاء، لأن كل ما يرتكبه هؤلاء «الزملاء» يضرب في مقتل يوميا هذا الادعاء الكاذب. 

المثير للحزن أكثر هو أن فقدان المصداقية هذا، بسبب «لعب الدراري» المرتكب في هاته البرامج، لا يضرب هاته الحصص وأصحابها وضيوفها فقط، بل يمس بلظاه القاتل ما تبقى ومن تبقى من صحافة ومن صحافيين في هذا البلد، لأن المتلقي أصبح مقتنعا أننا جميعا تحولنا إلى «رباعة» من المهرجين البائسين، الذين يقدمون عبر الأنترنيت خدمة الدفع نحو الكفر بكل شيء، والذين يتحدثون دون علم عن وفي كل المواضيع، والذين يهتمون بشيء واحد فقط: كيفية ملء الجيوب ولو على حساب المتلقي والمهنة والحقيقة، والآن على حساب العقل السليم، ما دام الجنون قد وصل بهؤلاء الحمقى حدود التلويح بالكلام الكبير دون فهم معانيه، ودرجات إطلاق القنابل الوهمية علينا. 

أين ستتوقف «سلوقية» هؤلاء القوم؟ 

المرجح لدينا أنها لن تتوقف أبدا، إذ لا يستطيع أحد ربطها الآن بعد أن أفلتت من عقالها، وأصبحت متخصصة في الجري السريع من أجل الربح السريع. 

محزن جدا ومؤلم، لكنها الحقيقة، عارية، مثلما ولدتها أمها، أو بعبارة أخرى «هاد الشي اللي عطا الله والسوق».