أكد رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، محمد بشير الراشدي، أن مشروع القانون المتصل بالإثراء غير المشروع، هو تشريع مهيكل ومدخل أساسي لمحاربة الفساد.

وكشف الراشدي أن هيئته، في إطار تفاعلها وتواصلها مع مصالح رئاسة الحكومة، قد توصلت بمسودات نصوص تهم كلا من تضارب المصالح والتصريح الإجباري بالممتلكات وحماية الموظفين العموميين عن أفعال الفساد، لكنها بالمقابل، يوضح المسؤول عن الهيئة، لم تتوصل، كما كانت تنشد وتتوقع، بأي نص يهم الإثراء غير المشروع، والذي شدد الراشدي على أنه القانون الذي من شأنه أن يحفز تقلص منحى الفساد بالمغرب .

الراشدي، الذي كان يقدم مضامين تقرير الهيئة السنوي برسم 2023أمس الثلاثاء 8 أكتوبر2024 بالرباط، كشف، كذلك، أن هيئته ستصدر "رأيا مكملا لرأيها السابق الخاص بمشروع قانون المسطرة الجنائية والذي سيتناول مختلف المقتضيات التي تضمنها هذا المشروع كما تمت إحالته على البرلمان ". واستطرد الراشدي موضحا :"موقف الهيئة واضح بشأن رفضها تحييد دور المجتمع المدني في تقديم التبليغات حول والترافع ضد حالات الفساد . فالتشريعات الوطنية لابد وأن تتلاءم والالتزامات المغرب الدولية وكذلك ومع الاتفاقيات الأممية. لابد من أن تظل كافة الأبواب مفتوحة أمام المجتمع المدني ليقوم بأدواره في محاربة الفساد".

وأبرز الراشدي أن الإرادة السياسية في مجال محاربة الفساد " تقاس بمقدار فعالية السياسات المتبعة والنتائج المحققة وليس بالتعبير عن النوايا والتصريح بها وإنما بالنتائج الملموسة التي تنعكس آثارها على المعنيين من مواطن وفاعل اقتصادي وسياسي".

وفي هذا السياق، قال الراشدي إن" أثر مكافحة الفساد ضعيف على المواطن المغربي"، ولفت إلى أن المغرب افتقد "الدينامية الوطنية التي تم تسجيلها في مجال محاربة الفساد في 2019، والتي خفتت خلال ال5سنوات الأخيرة". وأفاد الراشدي أن آخر اجتماع للجنة الوطنية لمكافحة الفساد كان بتاريخ 15 فبراير 2019. وذلك، بالرغم من أن مرسوم أكتوبر 2017، المتعلق بإحداث هذه اللجنة ينص في مادته الرابعة على اجتماعها مرتين في السنة على الأقل.

ومجددا سجل الراشدي "ضعف تفاعل الجهات المعنية مع توصيات الهيئة الواردة في تقاريرها السنوية" لكنه، مع ذلك، نوه بتحقق "تجاوب نسبي مع منظور الهيئة بخصوص بعض المواضيع المهيكلة".

ووصفت الهيئة، في تقريرها الذي نشرت مضامينه على موقعها الإلكتروني أمس الثلاثاء 8 أكتوبر 2024، وضعية المغرب ب"غيرالمرضية في مختلف المؤشرات والتقارير والأبحاث، والتي لم تعرف تحسنا خلال العشر سنوات الأخيرة التي غطتها هذه المؤشرات". وزادت الهيئة موضحة أن:« المغرب بحصوله على درجة 100/38 في مؤشر مدركات الفساد برسم 2023، يكون قد تراجع بخمس 5 نقط خلال السنوات الخمس الأخيرة، مكرسا مسلسل التراجع في هذا المؤشر، والذي انطلق منذ 2018 حين حصل على نقطة 100/43، وانعكس هذا التراجع أيضا على ترتيب المغرب؛ حيث انتقل من الرتبة 73 ضمن 180 دولة سنة 2018 إلى الرتبة 97 ضمن 180 دولة سنة 2023 متراجعا ب 24 رتبة خلال السنوات الخمس الأخيرة ».

كما أبرز التشخيص، الذي قامت به الهيئة، أن « المغرب احتل على المستوى العربي الرتبة التاسعة (9) مسبوقا بكل من الإمارات وقطر والسعودية والأردن والكويت وسلطنة عمان والبحرين وتونس، ومتبوعا باثنتي عشرة (12) دولة. ووقف على تراجع ترتيبه بدرجتين على المستوى الإفريقي محتلا مرتبة وسطى ومسبوقا بست عشرة (16) دولة ».

وباستقراء بعض المؤشرات غير المباشرة، تأكد للهيئة تراجع المغرب على مستوى مؤشر الفساد السياسي،  الذي يصدره مشروع أنماط الديمقراطية V-DEM، وتراجعه على مستوى المؤشرين المتعلقين بتطبيق القانون والحكومة المنفتحة المتفرعين عن مؤشر سيادة القانون الذي يصدره مشروع العدالة العالمي، وكذا تراجعه في المؤشرات الفرعية المتعلقة باستقلال القضاء وحرية الصحافة وبالخدمات على الأنترنيت والمنبثقة عن مؤشر النزاهة العمومية الذي يصدره مركز الأبحاث الأوروبي لمكافحة الفساد وبناء الدولة (ERCAS).

ومن زاوية بعض الاستقصاءات، رصدت الهيئة الفجوة الملحوظة بخصوص مدركات المواطنين حول فعالية جهود الحكومة للتصدي للفساد في الإدارة العمومية، والتي خلص إليها البارومتر الإفريقي، الذي أكد على تزايد الإدراك بتفاقم الفساد، خاصة لدى الطبقات الفقيرة والمهمشة والمناطق النائية، مما يدل على أن تكاليف الفساد المرتفعة تتحملها الفئات الضعيفة.

كما وقفت الهيئة على احتلال الفساد المرتبة الثانية من بين العوائق الرئيسية أمام المقاولات في المغرب، حسب نتائج البحث الميداني الذي تم إنجازه من طرف البنك الدولي المتعلق بالمقاولات لسنة 2023.