«قل جاء الحق وزهق الباطل، إن الباطل كان زهوقا». صدق الله العظيم. 

رنت الآية الكريمة في أرجاء البرلمان بقوة وبدلالة عميقة، تلك الجمعة، وجلالة الملك محمد السادس يتلوها على أسماع البرلمانيين الحاضرين افتتاح جلالته للدورة التشريعية، وهي تذكرنا جميعا أن المغرب الذي اعتبر منذ بدء البدء معركة وحدته الترابية معركة وجود لا حدود، هو الذي انتصر في الختام. 

أبدا لم تكن الصحراء هنا محور أي خلاف أو اختلاف. 

وحده بلد جار قرر أن يخلق من العدم وهما، وأن يرعاه بالسلاح والمال والدعم السياسي، وأن يجعله «حمار طروادة» (وليس حصان، لأن الأحصنة من سلالة نقية أصيلة وعريقة)، للتسلل إلى شؤون المغرب الداخلية، ولمحاولة زعزعة استقرار البلاد والعباد. 

سنوات كثيرة بعد هذا الاقتراف الفادح، ما الذي وقع؟ 

بقي المغرب في صحرائه، وبقيت الصحراء في مغربها، وانتبهت الدول الكبرى إلى الفخ الجزائري الخطير المنصوب للمنطقة كلها، فسارع الجميع إلى تصحيح الخطأ. 

توالت الاعترافات بجدية المقترح المغربي للحكم الذاتي في صحرائنا، من طرف الجميع، وهي في الحقيقة اعترافات صريحة وواضحة بمغربية الصحراء، وبسيادة المملكة المغربية على صحرائها، إيذانا بانتهاء هذا الملف ودخول مرحلة جديدة مختلفة تماما. 

ولمن يطرح السؤال، على سبيل محاولات التحقير الغبية وغير الممكنة: لماذا تنتظرون اعتراف الآخرين بمغربية صحرائكم ما دمتم متأكدين منها؟ الجواب مغربي وبسيط وسهل وواضح: 

لأن المغرب لم يكن أبدا دولة مارقة، ولأن المملكة المغربية ترفض «العربدة السياسية»، أو منطق «التسلكيط» الذي يقود سياسة دول أخرى داخليا وخارجيا. 

هذا البلد العريق المسمى المغرب لديه ديبلوماسية عريقة عمرها من عمره، كانت دائما اختصاصا حكيما حماها من النزق والرعونة اللذان يميزان «ديبلوماسية» بلدان أخرى. 

لذلك لم يحقق المغرب في ملف الصحراء إلا الانتصار تلو الانتصار على امتداد سنوات وسنوات، وباحترام تام للشرعية الدولية، وبإصرار كبير على احترام السيادة الوطنية، وبتنسيق مذهل ومحترم مع القوى العالمية الكبرى. 

هذا الحزم النابغ الحكيم، وهذا التشبث بالحق التاريخي الثابت، مع فتح مجال الحوار والتواصل مع الجميع أثمر لنا اليوم انخراط أمريكا وألمانيا وإسبانيا وفرنسا وجل دول المعمور معنا في التصور المغربي العاقل والمنطقي والجدي لصحرائنا. 

والآن أتى دور الفعل، وأتى دور انخراط الجميع، أحزابا وجمعيات ومؤسسات وأفرادا ومبادرات حرة، في تنزيل هذا الانخراط حول التصور المغربي على أرض الواقع، داخليا وخارجيا، من أجل إقناع الكل، وليس الجل فقط، بأننا أصحاب الحق في هذه القضية.

لنقلها بعبارة مغربية أوضح لكي تصل للآخرين من المهتمين بالقضايا الخارجية فقط: هذه الصحراء صحراؤنا، وقضيتها هي قضيتنا الأولى والمصيرية، والحشد والتجييش، والدفاع المستميت، وكل عبارات النصرة هنا في المغرب صالحة لهاته القضية الوطنية أولا، وبعدها نستطيع أن نوزع ما تبقى من «حماس» على ما شئنا ومن شئنا، هنا وهناك، وفي كل مكان. 

يوم الجمعة الماضي قال لنا جلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، «حي على الفعل المغربي الذكي والناجع من أجل دخول المستقبل في صحرائنا، وفي مغربنا كله، الدخول القادر على الانتقال بنا جميعا نحو ما نريده وما نستحقه فعلا: الخير والمزيد منه». 

قالالمغاربةكلهم «آمين»،وواصلتوتواصلالحكايةالمغربيةكتابةأسطرها،وحكايةروايتهابطريقتهاالخاصةبهاالتيلاتشبهبقيةالروايات،شرقاأوغربا،ولنتشبههاأبدا