يعمل لحسن حفيظ كرئيس الطهاة ومستشار فن الطهي في كبريات المطاعم والفنادق الفرنسية والعالمية. بدأ حياته المهنية في فندق حياة ريجنسي في الدار البيضاء قبل أن ينتقل إلى باريس. يجسد ابن أكادير فيها مسيرة مهنية استثنائية، حيث يجمع بين جذوره وموهبته في الطهي لجعل فن الطهي في البلاد يتألق. في هذا الحوار يقربنا من تجربته.

 كيف ولد حبك للمطبخ المغربي؟

حبي للمطبخ المغربي، والطبخ بشكل عام، يأتي من والدتي. في الواقع، عندما كنت طفلاً، كنت أرافقها إلى السوق لشراء المنتجات التي تحتاجها للطبخ. بعدها نعود إلى المنزل ونقوم بإعداد وجبات بهذه المكونات لجميع أفراد الأسرة. لقد كانت لحظة من الألفة والمشاركة، سواء مع والدتي أو مع بقية أفراد عائلتي. ومن هناك تطور لدي شغف حقيقي بالطهي. ثم، بعد الدراسة في الجامعة، خطوت أولى خطواتي المهنية في أكادير قبل أن أنتقل إلى الدار البيضاء حيث انضممت إلى مؤسسة فندقية كبيرة. لقد اكتشفت جانبًا مختلفًا تمامًا للطهي هناك: فن الطهي، وهو فن يجمع بين تقنيات الطهي والمشروبات وفن تزيين المائدة.

 

أخبرنا عن تجربتك الدولية كطاهٍ محترف خارج المغرب ..

بدأت رحلتي العالمية في فرنسا، في فندق حياة باريس مادلين، حيث أتيحت لي الفرصة لاستكشاف فن فن الطهي الفرنسي. وبعد ذلك، واصلت مسيرتي المهنية في فندق ريتز باريس المرموق. لقد أتاح لي هذا المنصب العديد من الفرص، بما في ذلك الانضمام إلى جماعة  Escoffier Disciples، حيث كان لي شرف تمثيل المغرب. لا يسمح لي هذا الدور بنقل شغفي بالمطبخ المغربي فحسب، بل  أيضًا بالتعلم من الثقافات الأخرى وتحسين معرفتي. وهكذا طورت رؤية للطهي كلغة عالمية، حيث تكون المشاركة والتبادل في قلب كل طبق. لقد أثرت هذه اللقاءات أسلوبي في الطهي وشكلت مسيرتي المهنية.

 

من يطبخ في البيت أنت أم زوجتك؟!

لا هذا ولا ذاك، غالبًا ما تكون ابنتي هي التي تقوم بذلك. أحد أعظم فخري هو أنني نقلت لها حب الطبخ. منذ صغرها، كانت تساعدني في المطبخ، ومع مرور الوقت، انعكست الأدوار بمهارة. في كل مرة أعود فيها إلى المنزل، تفاجئني بوصفات جديدة.

أعددت الطعام لشخصيات مرموقة. هل يمكنك أن تعطينا الأسماء وتفضيلاتهم الغذائية؟

في الواقع، أتيحت لي الفرصة لطهي الطعام لشخصيات مؤثرة، ولا سيما في فندق "ريتز" أو خلال الأحداث التي نظمتها تلاميذ إسكوفييه. لكني أفضل عدم ذكر الأسماء حفاظا على السرية. لكن أستطيع أن أقول لك أن الأكل أعجبهم.

 

ما هي الأطباق المغربية التي يحبها الأوروبيون أكثر؟

الأطباق المغربية التي تنال إعجاب الأوروبيين غالبًا هي تلك التقليدية والمتاحة، مثل الكسكس والطاجين والمعجنات المغربية.

 

ماذا يعني لك الالتزام بتطوير المطبخ المغربي؟

يشمل ذلك تطوير المطبخ المغربي وتحديثه وإدماجه في التكوين الفندقي لجعله أكثر حضورا على الساحة الدولية. وأسعى أيضًا أن يتم الاعتراف بهذا المطبخ كمرجع عالمي، مع تكريم الطهاة المغاربة. يتمتع المغرب بتقاليد تذوق استثنائية، تجمع بين التنوع والأصالة والرقي، ومن الضروري أن تجد ثقافة الطهي هذه مكانها بين أعظم الثقافات في العالم. ومن خلال هذه المبادرات، أود أن أحتفل بهذا الثراء وأن أشجع الاعتراف على نطاق أوسع بتراثنا في مجال الطبخ، ليس فقط بين الأجيال الشابة، ولكن أيضًا على المسرح العالمي.

 

ماذا تقصد بـ "المطبخ المغربي كمرجع عالمي"؟

عندما أقول إن المطبخ المغربي يجسد حضارة وثقافة عريقة، أريد أن أؤكد أنه يعكس أكثر بكثير من الأذواق والوصفات: فهو يحكي تاريخنا، وتبادلاتنا، وتنوعنا. كل طبق مغربي هو ثمرة قرون من اللقاءات والتلاقح الثقافي، سواء التأثيرات الأمازيغية أو الأندلسية أو العربية الإسلامية أو اليهودية المغربية. لقد أثرت هذه الثقافات المختلفة مطبخنا بمكوناتها وتقنياتها وخبرتها. وبالتالي، فإن المطبخ المغربي هو شهادة حية على هذه التبادلات، وكل وجبة هي وسيلة لإعادة التواصل مع هذا الماضي المشترك. هذا المزيج من التقاليد يجعل من فن الطهي لدينا لغة تتجاوز الحدود، بينما تحكي قصة حضارتنا وثرائها. المطبخ المغربي، بتراثه، يجمع الأجيال ويديم التقاليد، مع التكيف مع أذواق الحاضر.

 

تقوم بالكثير من الأعمال الاجتماعية المبادرات في المغرب. ما هو نوعها ولماذا؟

تهدف مبادراتي بشكل رئيسي إلى تشجيع المواهب المغربية الشابة، وخاصة أولئك الذين يدخلون عالم فن الطهي. ومن هذا المنطلق، أدعم جمعية "Maison Bonheur" التي تعمل على تعزيز وتطوير مهارات الطهي لدى الشباب المتحمسين. تكرس هذه المنظمة جهودها لتوفير بيئة مواتية للتعلم، من خلال توفير الموارد والتدريب لتمكين الطهاة الشباب الطموحين من إتقان فنهم واكتساب التقنيات التي تسمح لهم بالتألق. لكن طموحي يتجاوز دعم المواهب الشابة؛ إنه موجه لكل المغاربة.

 

شاركت هذه السنة في حفل الولاء بعيد العرش المجيد. كيف كانت التجربة؟

تجربة فريدة من نوعها وترحيب شخصي جميل مع الكثير من الاهتمام والكثير من الاكتشافات. أنا فخور جدًا بحضور حفل عيد العرش لصاحب الجلالة محمد السادس نصره الله. بالنسبة لي، إنه لشرف وفخر كبير أن أحضر هذا الحفل الذي لا ينسى.