يوم الجمعة الأخير، خاطب جلالة الملك نواب الأمة، كان العديدون ينتظرون تقريعا ملكيا للنواب والمستشارين، بعد عديد الفضائح التي تورط فيها أعضاء الغرفتين في الولاية التشريعية الحالية.

تعالى جلالة الملك عن ذلك، فقد سبق له أن وجه تأنيبا قاسيا للطبقة السياسية وللمؤسسات المنتخبة، ونبهها إلى خيبة أملة وخيبة المواطنين من أداء السياسيين، والمنتخبين منهم بالدرجة الأولى، كما أن سياق القضية الوطنية الأولى كان يقتضي التركيز عليها.

وضع الملك البرلمان، أعضاء وفرقا ولجانا أمام مسؤولياتهم الوطنية، حين أفرد حيزا هاما من خطابه للدبلوماسية الموازية، والتي هي واحدة من مهام المجلسين، وكان القصد واضحا، أن لا مجال بعد اليوم للركون للراحة، أو لتغليب المصلحة الشخصية، وأن الواجب الوطني يجب أن يكون أولى أولويات انشغالات ممثلي الأمة في هذه اللحظة المفصلية من تاريخ وطننا.

لكن ما حدث للأسف، بعد ذلك في مجلس المستشارين كان مؤسفا.

تعطيل انتخاب أعضاء المكتب، ورؤساء اللجن، ليس بسبب التدقيق في البروفايلات، وليس بسبب سعي الفرق لتقديم الأفضل، وليس لإعادة الهندسة على وفق مقتضيات اللحظة الوطنية.

إن ذلك التعطيل، وبعدها لقاءات التوافق، وما رشح منها، يفيد أن حليمة لم تبرح عادتها القديمة، بحيث إن التعطيل كان بسبب طموحات شخصية في الغالب، والتوافق كان لجبر الخواطر، بدليل أن الأسماء المرشحة لعضوية المكتب ، أغلبها لا يعرف لها إسهام تشريعي ولا مشاركة في المحافل الدولية لدعم القضية الوطنية الأولى، أو أي قيمة مضافة، وخصوصا أغلب من شاركوا في عضوية المكاتب السابقة أو رئاسة اللجن.

إنها الأسماء نفسها، يعاد تدويرها، رغم ثبوت عجزها عن مسايرة الزمن التشريعي المفترض، وليس ذلك الذي ساهم في تأخير خروج الكثير من القوانين، التي ظلت محتجزة رهن المبادرة الحكومية بتقديم مشاريع القوانين.

والطامة الكبرى، إذا صدقت تسريبات لقاء الرئيس الجديد لمجلس المستشارين مع رؤساء الفرق في الغرفة الثانية ببيته، فإن مكتب المجلس القادم، سيخلو من أي أمرأة، وكذلك لن تحظى أي مستشارة برلمانية برئاسة أي لجنة، ضدا على الدستور الذي أناط بالحكومة والبرلمان معا مسؤولية تعبيد الطريق نحو المناصفة.

إن مثل هذه الممارسات لا تقتل السياسة فقط، بل تذبحها.