هي حرب قذرة، هاته التي تدور بالوكالة عن منافسين تجاريين، ضد مسلسل "الناس لملاح"، أو "ناس الملَّاح"، وسببها الحقيقي بعد الضرب تحت الحزام الذي أمرت به شركات منافسة للشركة المنتجة للعمل، هو معاداة السامية لا أقل ولا أكثر. 

ليس من الضروري الذهاب عبر أطول الطرق وأكثرها تعقيدا والتواءا لقول الحقيقة، وهذه الحقيقة التي عبرنا الطريق الأقصر من أجل قولها أي الطريق المستقيم، هي حقيقة تريد أن تمنع تماما أي تناول لحقبة مهمة من تاريخ المغرب، ولحدث أساسي ومهم من أحداث هذا التاريخ، يتعلق بعلاقة اليهود المغاربة مع بلدهم أثناء مقامهم فيه، وخلال رحيلهم عنه، وبعد هذا الرحيل. 

نعم، من الأدوار الأساسية للإبداع التلفزيوني تناول هذا الموضوع من كل جوانبه، والاستعانة بممثلين من المغرب هنا ومن إسرائيل هناك ممن رحلوا أو رحلت عائلاتهم. ولعل أغرب انتقاد قرأته للمسلسل هو ذلك الذي قال بأنه كان ينبغي الاستعانة بممثلة مغربية من هنا لتمثيل دور الممثلة الإسرائيلية التي دار الجدل حولها. 

صاحب هذا الانتقاد يجب أن يلتحق فورا بكاستينغ العمل، وأن يصبح مشرفا من الآن فصاعدا على اختبارات اختيار الممثلين والممثلات لهذه الشركة ولغيرها. 

لذلك قلنا منذ البدء إن المشكل الحقيقي لايوجد لا في حبكة المسلسل ولا في طريقة إخراجه، ولا في أداء ممثليه، ولا في كتابته، ولا في كيفية نقل هذه الكتابة إلى التلفزيون (وهذه كلها أمور تقنية يمكن أن يجد أبسط ناقد تلفزيوني العديد مما يمكن قوله حولها إذا أراد الانتقاد التلفزيوني فقط)، لا المشكل كل المشكل لدى من يهاجمون المسلسل منذ حلقته الأولى يوجد في الموضوع: اليهود المغاربة وعلاقتهم ببلدهم وهم مقيمون فيه، أو علاقتهم بنفس البلد بعد هجرتهم إلى إسرائيل أو فرنسا أو أمريكا أو غيرها من بلدان هذا العالم التي يذهبون إليها وينسون كل شيء، إلا أنهم مغاربة، وأن بلدهم الأصل هو المغرب، وأن العلاقة معه مقدسة، ثابتة، لاتتزحزح، ولا تتغير. 

لذلك لابأس من تحلي مهاجمي هذا المسلسل بالشجاعة والنزاهة، وقولها مباشرة: نحن لانريد أي فتح لهذه الصفحة لا من قريب، ولا من بعيد.

الأمر سيكون ذا مصداقية أكبر، لو أتى بهذا الوضوح، عوض الضرب تحت الحزام بهذا الشكل غير الشجاع كثيرا، والله أعلم قبلا وبعدا وفي منتصف كل الأشياء وكل المسلسلات وكل القضايا المسموح بتناولها، والأخرى التي تدخل في عداد "الممنوع من الصرف"، و هذا "الصرف" في الحقيقة هو تفسير الكثير من الانتقادات التي قد تلتقون بها هذه الأيام، لهذا المسلسل، ولغيره على كل حال…