كشفت مصادر حكومية مغربية عن خطة جديدة لفرض حزمة من الضرائب الإضافية على المشروبات الكحولية والسجائر الإلكترونية، وذلك ضمن مشروع قانون المالية للعام 2025. وتهدف هذه الخطوة إلى تحقيق هدفين رئيسيين: تعزيز الإيرادات العامة للدولة، والحد من الآثار السلبية لهذه المنتجات على الصحة العامة.

وتتضمن التعديلات الضريبية المقترحة زيادة بنسبة 10% على المشروبات الكحولية بمختلف أنواعها، مما سينعكس على أسعار هذه المنتجات في السوق المحلية. ويأتي هذا القرار في إطار استراتيجية حكومية شاملة تهدف إلى ترشيد استهلاك المشروبات الكحولية في المملكة.

وتشير الإحصائيات الرسمية إلى نجاح السياسة الضريبية للحكومة المغربية في تحقيق نتائج إيجابية خلال العام المنصرم 2023، حيث سجلت الإيرادات الضريبية نمواً ملحوظاً بنسبة 11.9%، لتصل إلى 23.9 مليار درهم. ومن المتوقع أن تشهد هذه الإيرادات ارتفاعاً إضافياً في 2025 مع تطبيق الزيادات الضريبية الجديدة.

وتخطط الحكومة لتوجيه العائدات الإضافية المتوقعة نحو تمويل حزمة من البرامج الاجتماعية والمشاريع الاستثمارية العامة، في خطوة تهدف إلى تحقيق التوازن بين تعزيز موارد الدولة وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين.

ويرى محللون اقتصاديون أن هذه الخطوة تعكس توجهاً حكومياً متزايداً نحو تنويع مصادر الدخل وترشيد الاستهلاك، مع الحفاظ على التزامات الدولة تجاه برامج الرعاية الاجتماعية والتنمية المستدامة.

غير أن هذه السياسة الضريبية تواجه انتقادات جوهرية من خبراء الاقتصاد والسياسات العامة. إذ يشيرون إلى أن رفع الضرائب على المشروبات الكحولية قد يؤدي إلى نتائج عكسية غير متوقعة، كازدهار السوق السوداء وانتشار المشروبات المغشوشة التي تشكل خطراً أكبر على الصحة العامة. كما أن الاعتماد على الضرائب غير المباشرة لتمويل البرامج الاجتماعية يعد حلاً قصير المدى لا يعالج جذور المشكلات الاقتصادية الهيكلية. ويؤكد المحللون أن الحل الأمثل يكمن في تطوير استراتيجية شاملة تجمع بين السياسات الضريبية والتوعية المجتمعية وتطوير برامج علاجية فعالة، مع العمل على إيجاد مصادر تمويل مستدامة للبرامج الاجتماعية لا تعتمد بشكل رئيسي على الضرائب الاستهلاكية.

وتكشف هذه الخيارات الحكومية في مشروع قانون المالية 2025، عن توجه مزدوج يسعى إلى تعزيز القدرات البشرية للإدارة العمومية وتنويع مصادر التمويل، غير أن نجاح هذا التوجه يبقى رهيناً بقدرة الحكومة على تجاوز التحديات الهيكلية وضمان التوازن بين متطلبات تعزيز موارد الدولة من جهة، وتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة من جهة أخرى. وهو ما يستدعي مقاربة شمولية تتجاوز المنطق الكمي في التوظيف والضرائب نحو رؤية استراتيجية تستحضر الأبعاد النوعية والاجتماعية في السياسات العمومية.