إثارة ستافان ديميستورا لمقترح تقسيم الصحراء المغربية، يفيد بأن المبعوث الشخصي الحالي للأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء يجهل طبيعة النزاع وخلفياته. هذا طبعا إذا لم يكن في الأمر أشياء نجهلها، مما يحاك بعيدا عن الأنظار.

مقترح التقسيم الذي جاء به جيمس بيكر في أواخر ولايته كمبعوث شخصي للأمين العام للأمم المتحدة، كان يحمل خلفيات تصدى لها المغرب في حينها وانتهى الأمر بنتيجتين يعرفهما كل متتبع للملف. النتيجة الأولى هي الرفض القاطع للتقسيم أو ما كان يعرف حينها بالحل الثالث. والنتيجة الثانية هي استبعاد خيار الاستفتاء لاستحالة تنظيمه.

جيمس بيكر إذن دخل ووجد أمامه مقترحا يستحيل تنفيذه، واقترح حلا تم رفضه، فترك البياض في الملف وغادر منصبه، ليأتي في ما بعد المقترح المغربي بخصوص مشروع الحكم الذاتي الذي وصفه مجلس الأمن بالجدي وذي مصداقية. مقترح الحكم الذاتي سيكون الوحيد المطروح وقد تبنته في الأخير العديد من الدول كأساس لحل نزاع طال أمده.

ستافان دي ميستورا إذن، وهو يبدي رأيا في إحاطة غير ملزمة، يريد فقط أن يثير زوبعة إعلامية، لكنه يطرح سؤالا حول بروفايلات المبعوثين الخاصين والشخصيين الذين تعتمدهم الأمم المتحدة ومدى صلاحيتهم معرفيا على الأقل.

ليس المقام هنا للحديث عن دي ميستورا، وهو الذي فشل في عدة مهام أممية، إنما وجب التوقف عند ملاحظات لابد أن تكون أساسا لكل تطور لملف الصحراء المغربية.

 الملاحظة الأولى تتعلق بآخر التطورات التي شهدها الملف، والتي يجب أن تكون محط اهتمام أي قرار أو مقرر أممي في موضوع الصحراء المغربية، ويتعلق الأمر باعتراف جل الدول المؤثرة في الملف بمغربية الصحراء، ومنها دولتان دائمتا العضوية في مجلس الأمن.

ثانيا يجب الأخذ بعين الاعتبار الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء، وبالخصوص تزايد هذا الاعتراف.  ينضاف إلى هذا، اجماع دولي باستثناء قلة قليلة، على القول بجدية ومصداقية مقترح الحكم الذاتي الذي تقدمت به المملكة المغربية.

الملاحظة الثالثة يجب الأخذ بعين الاعتبار شرعية المغرب القانونية والتاريخية وأيضا الجغرافية، في الصحراء المغربية. فمن ناحية هناك مرجعية قانونية تمثلها استشارة محكمة لاهاي  التي حسمت في موضوع بيعة قبائل الساقية الحمراء ووادي الذهب لسلاطين المغرب. والبيعة تعني شرعية أقوى من أي توصيف. كما أن الامتداد الجغرافي سواء الطبيعي أو البشري يربط المغرب بصحرائه. ولا ننسى أن معظم الدول التي حكمت المغرب انطلقت من الصحراء.

رابعا وأخيرا، على المنتظم الدولي أن يفهم جيدا باستحالة قيام دويلة مستقلة في أقاليم المغرب الجنوبية لأن ذلك خطر على المغرب كدولة ووجود، وخطر على السلم والأمن في المنطقة ككل. ويجب على الجميع إدراك هذا الأمر، فقضية الصحراء المغربية هي قضية وجود ولا يمكن أن تكون موضوع وزيعة  بأي شكل من الأشكال ولا تحت أي ظرف.

الملاحظة الأخيرة تفيد شرود دي ميستورا في الكلام. كما تؤكد أمرا أساسيا يتمثل في أن التطور الذي شهده ملف الصحراء المغربية، سواء في مجلس الأمن أو على أرض الواقع، يعني أننا على مشارف الانتهاء من هذا الملف بصفة نهائية.  ولبلوغ هذه الدرجة يتحتم القيام بحملة تواصلية دولية يشرح فيها المغرب كل حيثيات القضية ويقنع القلة التي لم تلتحق بعد بالاعتراف بمغربية الصحراء بشرعية المغرب وعدالة قضيته...