احتفل المغاربة قاطبة يوم الثلاثاء الأخير 14 يناير 2025 برأس السنة الامازيغية. أشكال متنوعة اتخدتها الاحتفالات بكل ربوع المملكة في المدن والمداشر  بهذه المناسبة الوطنية بعد القرار الملكي الحكيم بترسيمها عيدا وطنيا ورسميا, و جسدت بذلك التلاحم الوطني حول الهوية الوطنية المتعددة الأبعاد.

كانت فرحة المغاربة كبرى هذه السنة بعد استفادتهم من عطلة سنوية مؤدى عنها, بل كانت بهجتهم أكبر وهم يكتشفون في الفضاء العام غنى الثقافة الوطنية وما تزخر به من تنوع في مختلف المجالات سواء الموسيقى والغناء أو مختلف الفنون من الطعام واللباس والحلي وغيرها.

كان الاعلام العمومي والخاص في الموعد بتغطيات غير معتادة. فقد حرصت هذه السنة على مواكبة مختلف الاحتفالات دون تحيز ولا اقصاء, ورغم ذلك تبين أن هناك قصورا  في التحسيس بأهمية المناسبة وفلسفة ودلالات القرار الملكي الحكيم. وتأكد أيضا أن هناك حاجة ماسة لبذل مجهود أكبر لانصاف الأمازيغية على المستوى  الخطاب الاعلامي والتعليم وفي كل مناحي الحياة العامة وأيضا مواكبة الورش الملكي لتحقيق المجتمع الديمقراطي الحداثي المنشود.

لقد اعتبر اقرار رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا ورسميا لكل المغاربة ومؤدى عنه, بمثابة  القرار الأبرز في مسار انصاف الأمازيغية بالمغرب  طيلة ربع قرن من اعتلاء جلالة الملك محمد السادس عرش أسلافه المنعمين. فمنذ السنوات الأولى, حرص جلالة الملك على ايلاء عناية خاصة للغة والثقافة الامازيغيتين بصفته أميرا للمؤمنين, واعتبرها أحد أسس المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي في العهد الجديد. وكانت أولى الخطوات بخطاب أجدير نواحي خنيفرة ألقاه بحضور قادة وزعماء سياسيين وما تلاه من احداث المعهد الملكي للثقافة الامازيغية, ثم جاء بعدها دستور 2011 الذي اعترف بالأمازيغية لغة رسمية الى جانب اللغة العربية.

الخطاب الملكي الذي ألقاه في جلالته في أجدير نواحي خنيفرة بتاريخ 17أكتوبر 2001 ، كان بدابة لاعادة التوازن الى الهوية المغربية"، بالتأكيد أن "الأمازيغية تشكل مكونا أساسيا من مكونات الثقافة المغربية"، وأن "النهوض بالأمازيغية يعد مسؤولية وطنية". وأكد أن "الأمازيغية، التي تمتد جذورها في أعماق تاريخ الشعب المغربي، هي ملك لكل المغاربة بدون استثناء" , وأضاف أنه "لأن الأمازيغية مُكوّن أساسي للثقافة الوطنية، وتراث ثقافي زاخر، شاهد على حضورها في كلّ معالم التاريخ والحضارة المغربية؛ فإننا نولي النهوض بها عناية خاصة في إنجاز مشروعنا المجتمعي الديمقراطي الحداثي، القائم على تأكيد الاعتبار للشخصية الوطنية ورموزها اللغوية والثقافية والحضارية" واعتبر أن ."النهوض بالأمازيغية مسؤولية وطنية، لأنه لا يمكن لأي ثقافة وطنية التنكر لجذورها التاريخية.

و شكل اقرار رأس السنة الأمازيغية يوم 23 ماي 2023عيدا وطنيا ورسميا مؤدى عنها على غرار فاتح محرم من السنة الهجرية ورأس السنة الميلادية" تجسيدا للعناية الكريمة، التي ما فتئ يوليها جلالته، حفظه الله للأمازيغية، باعتبارها مكونا رئيسيا للهوية المغربية الأصيلة الغنية بتعدد روافدها، ورصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء" كما جاء في بلاغ الديوان الملكي.

قرار جلالة الملك  أجمع الكل أنه قرار تاريخي وحكيم , لأنه وضع آخر اللبنات لمشروع المجتمع الديمقراطي الحداثي المنشود، الذي وضع أسسه الأولى الملك محمد السادس، مند اعتلائه عرش أسلافه الميامين, وهو ما يتوجب أن يستبطنه المغاربة قاطبة لمحو الصور النمطية التي لاحقت البعد الأمازيغي للهوية الوطنية.

الرهان الآن هو التركيز ان الاحتفال برأس السنة الامازيغية يجب أن يكون عيدا  لترسيخ اللحمة الوطنية والتاكيد أن الثقافة الوطنية متعددة الأبعاد وفي صلبها البعد الامازيغي . فذلك هو السبيل لمحاربة بعض الأصوات التي لا تزال خارج التاريخ والجغرافيا, فكما  أكد جلالته في خطابه بمناسبة الذكرى الثامنة والستين لـ"ثورة الملك والشعب ف "المغرب مستهدف، لأنه دولة عريقة، تمتد لأكثر من إثني عشر قرنا، فضلا عن تاريخها الأمازيغي الطويل، وتتولى أمورها ملكية مواطنة، منذ أزيد من أربعة قرون في ارتباط قوي بين العرش والشعب، قبل أن يضيف "الدولة تكون قوية بمؤسساتها، وبوحدة وتلاحم مكوناتها الوطنية. وهذا هو سلاحنا للدفاع عن البلاد، في وقت الشدة والأزمات والتهديدات".