مشاهد تبادل الأسرى بين «حماس» وإسرائيل، كل سبت، مشاهد تعيد بعضا من الأمل إلى قلوب الحالمين بالسلام.
توقف القصف الإسرائيلي على القطاع، وتوقف قصف داخل إسرائيل بالصواريخ من داخل غزة، أيضا أمر مفرح لدعاة السلام ولكل من آمن ويؤمن وسيؤمن بأن الحرب لا منتصر فيها، غير تجار السلاح.
مشاهد عودة القوت والماء الصالح للشرب إلى الناس داخل القطاع المنكوب الموضوع بين المطرقة التي تعرفون وبين السندان الذي لا تجهلونه، هي أيضا مشاهد من أجل الأمل والمستقبل، وبناء القادم من التطورات.
وعلى ما يبدو، وبناء على كل الدراسات المتتبعة عن كثب للصراع هناك، القادم من التطورات سيكون حلا شاملا كاملا، أي نعم فرضته موازين القوى الجديدة التي عادت إلى البيت الأبيض، من خلال الرئيس دونالد ترامب، لكن الوسيلة هنا لا تهم، بقدر ما تهمنا جميعا الغاية الأسمى: أن يتوقف الفلسطيني، ومعه الإسرائيلي أيضا، عن دفع دمه ثمنا لكي يواصل الشعار صراخه في الأرجاء.
بل حتى الدول التي كانت تزايد عن بعد في مجال (محور الممانعة والمقاومة الكاذب جدا هذا)، مثل الجزائر، تسعى عبر كل الوسطاء، بعد أن رأت ما وقع لإيران التي تعرضت لإذلال شديد، وفي سوريا التي تغير فيها النظام بين عشية وضحاها، ولحزب الله التي تعرض لأكبر عملية تشتيت يمكن تخيلها، لكي تعيد وضع نفسها على خارطة الترتيبات المقبلة، من قبيل قول عبد المجيد تبون بخوف غير غريب على كابرانات لم يربحوا حربا واحدة في حياتهم، إن الجزائر مستعدة لتطبيع كامل مع إسرائيل فور قيام الدولة الفلسطينية!!!
العقلاء الحقيقيون الذين ينادون بحل الدولتين منذ القديم، والذين يؤمنون منذ البدء أن الحل للقتل والقتل المضاد في ذلك المكان هو السلام العادل والشامل، يبتسمون بحزن صادق هذه الأيام، لأن البوق الذي يردد الشعار في كل مناطق عالمينا العربي والإسلامي والذي ظل دوما يعتقد أنه الأكثر صوابا لأنه الأعلى صوتا، لا الأكثر صوابا لأن كل ما وقع منذ سابع أكتوبر من السنة الماضية، بل منذ ابتدأ هذا الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يقول العكس، (هذا البوق) فقد القدرة على المزيد من النفخ الواهم والكاذب.
لذلك لا بد من قولها مجددا: فلسطين ستبني دولتها وستشرع في إعمارها، عندما يتوقف، الراغبون في رؤيتها تموت فقط، عن الكلام.
فقط عندما سيتحدث عن فلسطين من يحبونها حقا ومن يحبون لها الحياة، ومن يساندون شعبها قولا وفعلا، ومن يدافعون عن أهلها وتاريخها وحضارتها دون تطبيل كاذب، ويريدون إيقاف الدمار القاتل الذي تعيشه منذ عقود، ستجد القضية الفلسطينية الطريق نحو الحل.
قلناها مئات المرات، ولا بأس بإعادتها: المتطرفون من الجهتين لن يقدموا لذلك الصراع إلا مزيدا من التطرف.
وراقبوا جيدا ما يقع من تطورات، وتمعنوا جيدا في الجهات التي تحاول عرقلة اتفاق السلام الهش منذ القديم، وتحاول اليوم عرقلة اتفاق وقف إطلاق النار، لكي توافقونا على القراءة، ولكي تأسوا بحزم صادق وحقيقي على الوقت الذي ضاع، وعلى كل الدماء البريئة التي أزهقت، فقط من أجل أن يجد حامل الشعار قافية جديدة يغنيها بحماس، قبل أن يذهب إلى منزله، ويلتهم ما تيسر، ويداعب بأصبعه مواقع التواصل الاجتماعي صعودا ونزولا، إلى أن يحقق كل استيهاماته الكاذبة، وبعدها ينام معتقدا أنه فعل كل ما عليه تاركا للفلسطيني البقاء مستيقظا، ومجبرا على العيش وسط الكوابيس.