«اعتقد أن الفوز بجائزة "الازدهار الرقمي العالمية" هو لحظة فخر واعتزاز، ليس فقط على المستوى الشخصي، ولكن أيضًا للمغرب ككل، الذي يواصل ترسيخ مكانته كفاعل رئيسي في مجال الابتكار الرقمي على المستوى الدولي. »، بهذه الجملة علق عبد اللطيف بلمقدم رئيس المعهد الوطني للابتكار والتكنولوجيا المتقدمة، على حدث فوزه بهذه الجائزة العالمية المنظمة من طرف منظمة التعاون الرقمي DCO، التي احتضنتها مدينة عمان الأردنية.

بلمقدم أكد في تصريحه لموقع "أحداث أنفو" على إهداء هذه الجائزة  « إلى المبدع والمبتكر الأول في المملكة وافريقيا صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله ، الذي يعمل جاهدا على تعزيز مكانة المغرب في جميع المجالات«.

 تتويج بلمقدم كممثل عن المغرب وإفريقيا، بحضور وزيرة الانتقال الرقمي المغربية أمال الفلاح السرغنوشي، إلى جانب عدد من وزراء الرقمنة بالعالم، جاء كتتويج لسنوات من العمل الجاد والإيمان العميق بقدرة التكنولوجيا على إحداث تغيير إيجابي ومستدام في المجتمع، وقد كانت المنصة الرائدة،  islah.city  إحدى ثمرات هذا الاجتهاد الذي مكن هذه الكفاءة المغربية الشابة من الفوز بالجائزة لما تمثله من « نموذج مواطن في تسخير التكنولوجيا لتعزيز التكامل بين المواطنين والمجالس المسيرة للشأن المحلي ، وهي خطوة مهمة نحو جعل المدن أكثر ذكاءً وشفافية. عندما بدأنا هذا المشروع، كنا نؤمن بأن التكنولوجيا يمكن أن تكون أداة فعالة لتقريب المسافات بين المواطنين والإدارة، وتعزيز ثقافة المشاركة المجتمعية في تحسين جودة الحياة الحضرية».

وأوضح بلمقدم أنه منذ البدايات، كان مقتنعًا بأن الرقمنة ليست مجرد اتجاه مستقبلي، بل ضرورة حتمية لتحقيق قفزة نوعية في مختلف المجالات، من الحوكمة الذكية إلى ريادة الأعمال، ومن الخدمات العامة إلى إشراك المواطنين في عملية صنع القرار، مضيفا « لقد كان رهاني الأول على التكنولوجيا نابعا من قناعتي بأن الحلول الرقمية ليست مجرد أدوات، بل هي جسور تتيح لنا تجاوز العقبات التقليدية، وتسريع عجلة التنمية، وخلق فرص جديدة لشبابنا. هذه الجائزة ليست مجرد اعتراف بجهودنا، بل هي أيضًا مسؤولية كبيرة لمواصلة الابتكار، وتطوير حلول أكثر تأثيرًا، وتعزيز التعاون مع مختلف الفاعلين الرقميين في المنطقة والعالم. كما أنها تؤكد أن المغرب بفضل كفاءاته الشابة وإمكانيات مواهبه وطاقاته يمتلك كفاءات قادرة على المنافسة عالميًا في مجال التكنولوجيا، وأن التحول الرقمي ليس فقط خيارًا، بل هو السبيل الأمثل لتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة».

واعتبر رئيس المعهد الوطني للابتكار والتكنولوجيا المتقدمة، أن ما بضفي على هذا الفوز أهمية خاصة، كونه يأتي في سياق عالمي متسارع ، حيث أصبحت التكنولوجيا الرقمية المحرك الأساسي للاقتصادات الحديثة، مؤكدا أن الجائزة ليست نقطة النهاية بالنسبة له، بل هي بداية لمرحلة جديدة من العمل المستمر لتوسيع نطاق المشاريع الرقمية، وتعزيز تأثيرها الاجتماعي، وتوفير فرص أكبر للشباب المغربي للمشاركة في بناء مستقبل رقمي أكثر ازدهارا.

وعند استفساره حول ما راكمته تجربة منصة إصلاح بعد  مرور مدة على إطلاقها، أوضح بلمقدم أن التجربة كانت مشجعة وذات تأثير ملموس،« فقد سجلنا ارتفاعا ملحوظا في عدد المستخدمين النشطين، وتزايدا في معدل البلاغات، وأحد أهم إنجازات المنصة هو تغيير نظرة المواطنين لمسؤوليتهم تجاه مدنهم، حيث أصبحوا أكثر وعيًا بأهمية التبليغ عن المشاكل والمساهمة في إيجاد الحلول. كما أن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات مكّننا من تقديم تقارير دقيقة لمجالس المقاطعات والجماعات ، ما يساعد في تحسين التخطيط واتخاذ القرارات بناء على معطيات واقعية. أما بالنسبة للمستقبل، فنحن نعمل على توسيع نطاق المنصة، سواء من حيث انتشارها الجغرافي لتشمل مدنًا جديدة داخل المغرب ، حيث تلقينا عدة طلبات رسمية من مقاطعات وجماعات من أجل الانضمام إلى المنصة ، ونحن بصدد التهىء لذلك».

الإقبال على الاستفادة من تجربة المنصة لم يقتصر على المستوى الوطني فقط ، كما يوضح بلمقدم، « فقد تلقينا طلبين من الخليج وطلب من دولة بأوروبا الشرقية، وذلك بالموازاة مع تطوير خصائص المنصة لتشمل مجالات أوسع مثل الميزانية التشاركية وهي آلية تشاركية للحوار والتشاور، ومن خلالها تقرر المواطنات والمواطنين في جزء من الاستثمارات العمومية المتاحة، وذلك كوسيلة للديمقراطية التشاركية، تطبيقا للمادة 139 من الدستور وأحكام القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات الترابية، وتنزيلا للمكنزمات التشاركية للحوار والتشاور وهنا سيكون دور المنصة في شقها الثاني بعد تخطيها مرحلة التجريب بنجاح أنه سيكون للمواطنين القدرة على تقديم مقترحات مشاريع من أجل تحسين جودة الحياة المحلية وسيتمكن من التصويت والمشاركة الفاعلة . منصة اصلاح أكدت لنا أن التحول الرقمي ليس مجرد خيار، بل هو ضرورة لتعزيز كفاءة الخدمات العمومية، وتمكين المواطنين من لعب دور نشط في تنمية مجتمعاتهم. توجد نماذج مشابهة بكل من المملكة المتحدة و الولايات المتحدة الأمريكية«، يقول الباحث الشاب في مجال التكنولوجيا الرقمية.

تجدر الإشارة أن منصة إصلاح، تعكس  رؤية شبابية مبتكرة أطلقاها "المعهد الوطني للابتكار والتكنولوجيا المتقدمة"، هدفها ردم الهوة بين المواطن ومدبري الشأن العام، في إطار رقمي يعفي المشتكي من تعقيدات التواصل مع الجهات الساهرة على إصلاح أعطاب العاصمة الاقتصادية، وتوفر المنصة العديد من الخدمات للمواطنين ومديري الشأن المحلي، من خلال تمكين المواطنين من الإبلاغ عن المشاكل مثل الحفر الطرقية، والإنارة العامة المعطلة، والقمامة المتراكمة، والأمور الأخرى المتعلقة بالبنية التحتية.. بالإضافة الى ذلك تساهم المنصة في تعزيز التفاعل بين المواطنين والمجالس المحلية، مما يؤدي إلى تحسين استجابة المسؤوليين لمشاكل المدينة، إلى جانب توفير البيانات والتقارير التي يتم جمعها على المنصة لمدبري الشأن المحلي مما يجعلها مصدرًا قيمًا لتحديد الأولويات وتحسين إدارة المشاريع الحضرية  ذات الأولوية للمدينة.