شكرا على إعفاء الناس من الحرج. 

شكرا على تجسيد روح الدين، وجوهره، ورحمته، والمراد حقا من شعائره.

شكرا على تعظيم شعيرة الله بالقيام بها مرتين، مرة عن جلالتكم، ومرة عن شعبكم الذي تعنون له كل شيء ويعني لمقام جلالتكم العالي كل الأشياء.

شكرا على تقديم الدرس الحضاري المغربي مجددا للجميع.  

شكرا على السير سير ضعفائنا، والرفق بحال أكثرنا هشاشة، وتذكيرنا أنك الملك الإنسان الذي ينشغل بأمر الناس، خصوصا من لا حول لهم ولا قوة، ومن هزمهم الوقت والزمن وتقلبات صروفهما. 

لنقل إن المغاربة جميعهم، كانوا ينتظرون الخبر الذي أعلن عنه وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، ليلة الأربعاء، بإلغاء نحر أضحية عيد الأضحى هذه السنة، مع الإبقاء على كل طقوس الشعيرة الأخرى، من صلاة العيد، حتى البقية، لأن الظرفية الاقتصادية تحتم ذلك، ولأن الضرورة هذا العام هي لإنقاذ حال ثروتنا الحيوانية مما يتهددها بعد سنين الجفاف، وكثير المؤثرات غير الطيبة التي أوصلت المغرب إلى اتخاذ هذا القرار. 

لذلك كان الارتياح عاما، وشاملا، يعبر عن امتنان الشعب كله للعاهل الكريم، أن تحمل جلالته، باعتباره أمير المؤمنين، مسؤولية القيام بالشعيرة مرتين، عنه وعن أمته، فاتحا المجال أمام تعامل أكثر انتماء للدين، أي أكثر عقلانية وواقعية، مع هذه المناسبة العظيمة لدى المغاربة.

ولنقل أيضا إنها فرصة لنا جميعا، لكي نعلم مجددا أجيالنا الجديدة، التي لم تعش إلغاء شعيرة الذبح، وليس «العيد الكبير»، سنوات 1963 و1981 و1996، أن هذه المناسبة هي سنة مؤكدة، وليست فرضا، وأن ما تراه من (اقتتال) البعض حولها حين اقترابها، من أجل اقتنائها، وإن لم تكن الظروف مناسبة هو أمر ليس من الدين في شيء، بل هو الابتعاد كله عن جوهر الإسلام وكنهه، وهو إلقاء بالنفس في التهلكة، وهو تحميل للنفس لما طاقة لها به، وكل ذلك مكروه، وأحيانا، محرم في صريح ديننا، لكن العادة المجتمعية غلبت، وطقوس التفاخر طغت، حتى حولت العيد إلى عكس المراد منه غير سعيد على الإطلاق. 

ولنقل ثالثا إن شجاعة اتخاذ القرارات حين ضرورتها علامة مسجلة باسم المغرب وملكه الكريم، وهي دلالة سير الدولة هنا سيرا سديدا، يتفاعل مع الصغيرة ومع الكبيرة في كل ما يخص البلاد والعباد، وتلك، لعمري، الحسنة الكبرى، والميزة الأعظم، التي تجعل الناس تذوب عشقا في العرش وملكها، وتنتهز كل الفرص والمناسبات، لكي تقول بكل الحب الصادق والفعلي الأمين للملك كل مرة: شكرا، جلالة الملك. 

هذه المرة أيضا، لن نشد نحن المغاربة عن قاعدتنا الدائمة، وعن ديدننا القديم، وسنقدم للآخرين درسا جديدا في كيفية التوفيق بين الدين وبين الدنيا، وجلب المصلحة للناس فيهما معا، ودرء المفسدة، وإعلاء صوت العقل على ما عداه في هذه الربوع المباركة الطيبة. 

ذلك قدر المغرب والمغاربة، ملكا وشعبا، أن يكونوا درسا دائما ومتجددا ومستمرا في الزمان والمكان، لكل راغب في الاستفادة من كل هذه الدروس الملقاة في المدرسة العظمى المسماة: المملكة المغربية الشريفة.