في الوقت الذي بعثر الرئيس الأمريكي أوراق التجارة العالمية بفرض رسوم جمركية عالية على "الأصدقاء" و"الخصوم" على حد سواء، فإن دولا أخرى قليلة من بينها بالمغرب، حظيت بأقل الرسوم التي لم تتعد 10 في المائة.

يعني ذلك أن الرئيس الأمريكي راعى العلاقات الاستراتيجية والاستثنائية التي تجمع بين البلدين، يقول خبير محسوب على الكونفدرالية المغربية للمصدرين، مشيرا في تصريح لموقع "أحداث أنفو" إلى أن ذلك ستكون له انعكاسات على مستوى تعزيز الوضع الجيو-الاستراتجي للمغرب كبلد إفريقي يحظى بمصداقية لدى أقوى دولة في العالم، كما أنه له أبعاد على مستوى إشعاع على المستوى الدولي، مما يعزز مصداقية المملكة عالميا.

على المستوى التجاري المباشر، ورغم أن الفائض التجاري بين البلدين ،منذ توقيع اتفاقية التبادل الحر، هي لصالح الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن قرار الرئيس الأمريكي يمثل فرصة لصالح المغرب على عدة مستويات. أولا على مستوى تنويع مصادر التصدير، لكن أيضا على مستوى جلب الاستثمارات.

من البديهي أنه بعد رفع الرسوم الجمركية، ستضطر العديد من المقاولات والمجموعات الاقتصادية الكبرى إلى الهجرة نحو البلدان التي تحظى بأقل نسبة من الرسوم الجمركية التي فرضها ترمب، وهي الفرصة التي يتعين أن لا يفوتها المغرب من خلال إعادة النظر في استراتيجيته الصناعية، لاسيما أن القرار الأخير لترمب ستكون له انعكاسات على المدى المتوسط والبعيد، معنى ذلك أن العالم أمام مرحلة جديدة لاعلاقة لها بالمرحلة السابقة.

في هذا الإطار، أوضح المتحدث ذاته، أن المغرب الذي راكم تجربة لافتة في العديد من الصناعات، وتربطه بعدة اتفاقيات للتبادل الحر، يمكن أن يمثل بوابة للعديد من الدول نحو السوق الأمريكية، شريطة اتخاذ الحيطة والحذر، عبر سلك نوع من الانتقائية في اختيار الاستثمارات الأجنبية الراغبة في السوق المغربية، وذلك لتفادي تصنيع منتجات منافسة للمنتجات الأمريكية.

"لكن على العموم أن جد متفائل" يضيف الخبير ذاته، مؤكدا بأن من شأن جلب استثمارات جديدة، أن ينقل التكنولوجيا ورؤوس الأموال مما يعزز التراكم الذي سجله المغرب طيلة السنوات الماضية.

ويعيش الاقتصاد العالمي منذ أمس الأربعاؤ على صفيح ساخن، توجسا من حرب عالمية تجارية، أشعل نارها أول أمس الأربعاء، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعد أن فرض حزمة من الرسوم الجمركية، لم تقتصر على المنافس الصيني الشرس،بل شمل حتى دول تعد حليفة من قبيل كندا واليابان والاتحاد الأوروبي. هذه الرسوم جاءت متفاوتة. هناك دول فرض عليها ترمب 34 و30 و24 في المائة، بينما حظيت دول قليلة بأقل نسبة (10 في المائة) من بينها المغرب.

للإشارة، يعد المغرب البلد الإفريقي الوحيد الذي يرتبط باتفاقية للتبادل الحر مع الولايات المتحدة الأمريكية. ومنذ تفعيل هذه الاتفاقية في سنة 2006، عرفت التجارة البينية بين البلدين، نموا لافتا وإن كان الفائض لصالح بلاد "العم سام".

بالأرقام، سجلت المبادلات التجارية ما بين البلدين ارتفاع بأربعة أضعاف، إذ انتقلت من 1.3 مليار دولار في سنة 2006 إلى 5.5 مليار دولار إلى حدود سنة 2023.

يأتي ذلك في الوقت الذي تهم الصادرات المغربية نحو الولايات المتحدة الأمريكية، أساسا، الأسمدة وأجهزة أشباه الموصلات والمركبات الآلية والحوامض والزيوت وبعض المنتجات الفلاحية الأخرى.مقابل ذلك، يستورد المغرب من الولايات المتحدة الأمريكية، أساسا الوقود والمواد الطاقية، وقطع غيار الطائرات، والتوربينات الغازية، والتبع، فضلا عن بعض منتجات التجهيز الفلاحي والصناعي، والقمح .

لكن في المقابل المغرب يعيش عجزا تجاريا مع الولايات المتحدة الأمريكية بأزيد من 40 مليار درهم أي حوالي 4 ملايير دولار أمريكي.