لنتفق أولا أنه من الصعب، بل من المستحيل أن تسيء للمغرب، عندما تتطاول على رموزه.
هذا الأمر غير ممكن، والوحيد الذي ستمسه الإساءة هو من حاول القيام بها، لأن هذا البلد، ونحن نقولها بكل حب صادق، وبكل شوفينية مقبولة في هذا المقام، أكبر من الجميع، دون أي استثناء فيما يخص هذا الجميع.
اتفقنا على هذه؟ طيب جدا. لنمر إلى الثانية إذن: نعم، يحق لنا نحن المغاربة أن نشعر بظلم ذوي القربى حين نرى بعضا من إخوتنا الفلسطينيين، الذين لم يقدم لهم المغرب، منذ البدء وحتى الآن، إلا الخير تلو الخير، ولم يمد لهم إلا الأيادي البيضاء، وهم يحاولون الإساءة لوطننا ورموزه، أو يحاولون تشبيهنا بالآخرين.
هذا الأمر مرفوض تماما، وغير مقبول، وأول من يعرف قيمة وأهمية الدور المغربي في الدفاع عن فلسطين هم الفلسطينيون أنفسهم.
نعم، هناك جماعات مارقة، لديها أتباع هنا، مثلما لديها أتباع هناك، تجتمع تحت يافطة المتاجرة السياسية بالدين، تحاول أن تقدم صورة غير حقيقية عن بلادنا، لأنها تغتاظ من الدور الهادئ، والعاقل، والحكيم الذي تلعبه المملكة المغربية في صراع الشرق الأوسط، وهي المملكة التي يتوفر لها ما لا يتوفر لغيرها من إجماع على تقديرها واحترامها، لكننا نرفض أن ينساق ولو فلسطيني واحد وراء هاته الجماعات من الضالين، وأن يردد خلفهم آمين، فيما يخص شؤون بلادنا.
ولنقلها بكل وضوح مغربي شجاع: قد نعشق فلسطين إلى حدود لا يمكن وصفها، لكننا لا يمكن أن نحبها أكثر من المغرب. وإذا ما وجد أشقاؤنا الفلسطينيون من يحب فلسطين هنا أكثر من وطنه المغرب، فعليهم الارتياب من أمره والشك فيه، لأن هذا الوضع غير طبيعي، ولا يليق.
حدود علاقتنا بتلك القضية وذلك الشعب، وكل ذلك الصراع انتصار إنساني للضعيف في مواجهة القوي، وإيمان راسخ لا يتزحزح منذ القديم بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته، واقتناع عاقل وسياسي رصين بحل الدولتين هناك، ثم أمل ورجاء لا ينقطعان في أن يعرف السلام العادل والشامل طريقه ذات يوم إلى ذلك المكان المبارك لدى كل المغاربة، مسلمين ويهودا ومن كل الروافد والديانات، وطبعا إصرار على ألا يستولي المتطرفون من الجهتين على إدارة الصراع هناك، لأننا نعرف نتيجة هذا الاستيلاء: الموت والخراب والدمار والفناء، مع عدم التوقف من طرف الأغبياء بكل «حماس» عن ترديد الشعارات... فقط لا غير.
لذلك لا بد من الهمس بها في آذان أهالينا الفلسطينيين، هناك في فلسطين، وفي فرنسا وفي أمريكا، وهنا في المغرب، وفي أي مكان كانوا فيه: لا يقبل أي مغربي ولا تقبل أية مغربية أي تطاول، صغيرا كان أم كبيرا، على المملكة المغربية.
هذا البلد العظيم كان دائما عاقلا في اصطفافه إلى جانب الحق الفلسطيني، ويعلم سياسيوكم وقادتكم كم رفض من العروض منذ سنوات وعقود خلت، لكي يبقى مساندا للقدس التي يرأس عاهله الكريم لجنتها، ولكي لا يتفرق دمكم بين القبائل أكثر مما فرقته الفصائل المحلية المتناحرة.
لذلك دعوا عنكم مخابرات الجزائر الفاشلة والوقفات المشبوهة التي تحتضنها بعض عواصم أوربا، فوالله لو عرض على الكابرانات بعض قليل جدا مما تم عرضه ورفض بشكل شجاع وواضح وصريح، لكانت سفارة إسرائيل تحتل أكبر مبنى في العاصمة الجزائر، ولكان الدرس الأول المقرر على كل عساكر المرادية بالعبرية القديمة، لغة التلمود والتوراة، قصد نيل الرضا والقبول.
ثم دعونا نسألكم مجددا هذا السؤال الأليم: متى سنرى لكم مظاهرة، أو وقفة، أو مجرد تعبير سلمي صغير عن تضامنكم مع الشعب المغربي في الحفاظ على وحدته الترابية ضد الانفصاليين ومن يريدون تمزيق وطننا، مثلما ننزل نحن إلى الشوارع لأجلكم، ولأجل فلسطين، وليس لأجل هذه الجماعة أو الحزب، منذ قديم القديم؟
متى ستفعلون ذلك أيها الأهل والأشقاء؟؟؟