شهد رواق المجلس الأعلى للسلطة القضائية، أمس السبت 19 أبريل 2025، تنظيم ندوة علمية تحت عنوان "الحكامة القضائية ومتطلبات النجاعة"، وذلك في إطار مشاركة المجلس ضمن فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب، المنعقد تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، بإشراف من وزارة الشباب والثقافة والتواصل – قطاع الثقافة، ما بين 17 و27 أبريل الجاري.

محاور متعددة لرهانات النجاعة القضائية

سلّطت الندوة الضوء على محاور متعددة تهم الحكامة في تدبير مرفق العدالة، من أبرزها دور الآجال الاسترشادية في تعزيز الأمن القضائي، والهيئة المشتركة كمحور تنسيقي لضمان فعالية الإدارة القضائية، إضافة إلى أدوار مهنة المحاماة والمفوضين القضائيين في تحقيق العدالة، وكذا المبادئ الحديثة للحكامة في تسيير المحاكم.

الآجال الاسترشادية.. محاكمة عادلة وآجال معقولة

في مداخلته، أوضح يونس الزهري، عضو المجلس الأعلى للسلطة القضائية، أن المخطط الاستراتيجي للمجلس يراهن على احترام الآجال المعقولة للفصل في القضايا وتنفيذ الأحكام، تماشيا مع الفصل 120 من الدستور. وأبرز أن تحديد آجال استرشادية لا يعني الإلزام، بل يندرج ضمن آليات التدبير التي تسمح بقياس جودة الأداء القضائي وضبط الزمن القضائي بالمحاكم.

وأكد الزهري أن عدم توافق الآجال الواقعية مع تلك الاسترشادية يعد مؤشرا على وجود اختلالات في تدبير القضايا، مشيرا إلى أهمية المعالجة القبلية لهذه الاختلالات عبر آليات رقمية متطورة تعتمدها المحاكم، وعلى رأسها لوحة القيادة الإلكترونية.

الهيئة المشتركة... تنسيق استراتيجي بين المؤسسات

من جانبه، شدد عبد الرحيم مياد، الكاتب العام لوزارة العدل، على أهمية الهيئة المشتركة التي تضم المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وزارة العدل، ورئاسة النيابة العامة، والتي تمثل نموذجا للتعاون المؤسساتي في إطار احترام استقلال السلطة القضائية. وأوضح أن الهيئة تشتغل على عدة محاور، من بينها البنية التحتية، التحول الرقمي، مراجعة الخريطة القضائية، وتطوير التشريعات ذات الصلة.

المحاماة... شريك جوهري في معادلة العدالة

بدوره، أكد الحسين الزياني، رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب، أن مهنة المحاماة تضطلع بدور دستوري وأخلاقي ومهني بالغ الأهمية، لكونها تمثل أحد أعمدة المحاكمة العادلة. وأضاف أن المحامي ليس خصماً في النزاع، بل جزء من أسرة العدالة، يؤدي رسالة تتجاوز التمثيل القانوني إلى الدفاع عن دولة الحق والمؤسسات.

مهنة المفوض القضائي... من أجل تنفيذ فعّال

وفي السياق ذاته، أبرز عبد العزيز فوكني، الرئيس السابق للهيئة الوطنية للمفوضين القضائيين، أهمية المفوض القضائي في دعم احترام الآجال المعقولة من خلال تبليغ وتنفيذ الأحكام القضائية بسرعة وفعالية. ودعا إلى إصلاحات قانونية تذلل العقبات التي تعترض سلاسة الإجراءات المرتبطة بالمهنة.

الإدارة القضائية... حكامة حديثة ونهج تشاركي

وفي محور الحكامة داخل المحاكم، قدّم عبد المجيد شفيق، رئيس المحكمة الإدارية الابتدائية بالدار البيضاء، عرضاً حول الهيكلة الإدارية للمحكمة، مشيراً إلى اعتماد ثلاث ركائز أساسية: التواصل الخارجي، تعزيز الأداء الإداري، وتطوير منهجية اتخاذ القرار.

من جانبها، شددت بهيجة الإسماعيلي، رئيسة المحكمة الابتدائية بالعيون، على أن الحكامة الجيدة تفرض اعتماد مقاربات تشاركية، والانفتاح على مختلف الفاعلين في منظومة العدالة، مع ضرورة التحفيز، المتابعة، وضبط مؤشرات الأداء، لضمان تنزيل التوجهات الاستراتيجية للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والوصول إلى نموذج المحكمة الرقمية.